المكتوبة حين دَخَل صَلاَّهَا معهم أولاً، وكذا لو أقيمت الجَمَاعَةُ وهو في أثناء الطواف قَدَّمَ الصَّلاة، وكذا لو خاف فوت فريضة أو سنة مؤكدة.
ولو قدمت المرأة نهاراً وهي ذات جَمَالٍ أو شريفة لا تبرز للرِّجَالِ أخرت الطَّوافُ إِلَى اللَّيْلِ، وليس في حق من قدم الوقوف على دخول مكة طواف قدوم، وإنما هو في حَقِّ من دخلها أولاً لِسَعَةِ الوَقْتِ، ويسمى أيضاً طواف الوُرودِ وطواف التَّحِيَّة، لأنه تحية البُقْعَة يأتى به من دَخَلَهَا، سواء كان تاجراً أو حاجاً، أو دخلها لأمرٍ آخرَ.
ولو كان معتمرًا فطاف للعمرةِ أجزأه ذلك عن طوافِ القُدُومِ، كما أن الفريضة عند دخول المسجد تُجْزِئُ عَن التَّحِيَّة، -والله أعلم-.
ولعلك تنظر في لفظ الكتاب في الدعاء عند رؤية البيت فتقول: إنه جمع أولاً بين المَهَابَةِ والبر، ولم يرووا في الخبر إلا المَهَابة، وذكر أخيراً البر دون المَهَابة، كذا رويتموه في الخبر ونقل المُزَنِي في "المختصر: المَهَابة دون البر، فما الحال فيهما؟ فاعلم أن الجمع بين المَهَابة والبر لم نره إلا لِصَاحِب الكتاب، ولا ذكر له في الخبر، ولا في كُتُبِ الأصحاب، بل البيت لا يتصور منه بِر، فلا يصح إطلاق هذا اللفظ إلا أن يعني البر إليه.
وأما الثاني فالثابت في الخَبَرِ الاقتصار على البر كما أورده، ولم يثبت الأئمة ما نقله المزني.
وقوله: (فيؤم الركن الأسود) كالمستغنى عنه في هذا الوضع، إذ لا بد لكل طَائِفٍ أن يؤم الركن الأسود، ويبتدئ به على ما سيأتي في واجبات الطَّوَافِ، فلو لم يتعرض له هَاهُنَا كما لم يتعرض لسائر وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ لما ضَرَّه. وقوله: ويبتدئ بِطَوَافِ القُدومِ مُطْلَقٌ، لكنه محمول على ما سِوَى المَوَاضِعِ الَّتي بَيَّنَّاهَا.
واختلفوا في أن دخول مكَّة رَاكِبا أولى أم دخولها ماشياً على وجهين، وإن دخلها ماشياً فقد قيل: الأولى أن يكون حَافِياً (1). لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "قَدْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ سَبْعُون نَبِيّاً كُلُّهُمْ خَلَعُوا نِعَالَهُمْ مِنْ ذِي طُوى تَعْظيماً لِلْحَرَمِ" (2).