الفَصْلُ الحَادِي عَشَرَ فِي حُكْمِ الصَّبِيَّقال الغزالي: وَللْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ (ح) وَيُحْضِرَهُ المَوَاقِفَ فَيَحْصُلُ الحَجُّ لِلصَّبِيِّ نَفْلاً، وَلِلأُمِّ ذَلِكَ أَيْضاً وَفِي اَلقَيِّمِ وَجْهَانِ، وَهَلْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنِ المُمَيِّزِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَالمُمَيِّزُ يُحْرِمُ بِإذْنِ الوَليِّ، وَلَوِ اسْتَقَل لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، أَمَّا المُمَيَّزُ فَيَتَعَاطَى الأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ.
قال الرافعي: حج الصبي صحيح لما روي عن ابْنِ عَباسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِي فِي مَحَفَّتِهَا، فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا، فَقَالَتْ: أَلِهذَا حَجٌّ، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: نَعَمْ وَلَكِ أجْرٌ" (1).
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "حَجَجْنا مع رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَنَا النِّسَاءُ والصِّبْيَانُ فَلَبَّيْنَا عن الصِّبْيَانِ وَرَمَيْنَا عَنْهُمْ" (2). والمنقول عن أبي حنيفة -رحمه الله- أنه لا ينعقد إِحْرَام الصَّبِيِّ لنفسه، ولا إحرام الولي له، وربما يقولون: أنه ينعقد ليتدرب ولا يعتد به، ولا يؤاخذ بمقتضيات الإِحْرَامِ.
إذا عرفت ذلك فإن حَجَّه يختص بأحْكَامٍ يَرْجِعُ بَعْضُهَا إِلَى الإحْرَام وَبعْضُهَا إِلَى الإِحْرَام وَبَعْضُهَا إِلَى الأَفْعَالِ، وبعضها إلى المؤنات، ولوازم المحَظورات، فأراد أن يبين في هذا الفَصْلِ تِلْكَ الأَحْكَامِ.
أما الإحرام فينظر إن كان الصبي مميزاً أحرم بإذن الوَلي، وفي استقلاله وجهان:
أحدهما: وبه قال أبو إسحاق يستقل، لأنه عبادة كما يستقل بالصوم والصلاة.
وأظهرهما: لا يستقل؛ لأنه يفتقر إلى المالِ، وهو محجور عليه في المَالِ، فإن