فيه، ولم يزله مع الإمكان فعليه الفدية، فإن كَانَ زَمِناً لا يقدر على الإزالة فلا فدية عليه، كما لو أكره على التطيب، قاله في "التهذيب" (1) -والله أعلم-.
قال الغزالي
: النَّوْعُ الثَّالِثُ تَرْجِيلُ شَعَرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بالدُّهْنِ مُوجِبٌ لِلْفِدْيَةَ وَلَوْ دَهَنَ الأَصْلَعُ رَأْسَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كانَ الشَّعْرُ مَحْلُوقاً فَوَجْهَانِ.
قال الرافعي: حكم الدهن المطيب قَدْ مَرّ.
وأما غير المطيب: كالشيرج، ودهن الجوز، واللوز وفي معناها السمن والزبد فلا يجوز استعماله في الرأس واللِّحْيَةِ، لما فيه من ترجيل الشَّعْرِ وتزيينه، والمحرم منعوت بالشَّعثِ الذي يُضَاد ذَلِك. ولو كان أقرع أو أصلع فدهن رأسه أو أَمْرَد فدهن ذقنه فلا فدية عليه، إذ ليس فيه تزيين شَعْرٍ. وإن كان محلوقَ الرَّأسِ فوجهان:
أحدهما: ويروى عن المزني: أنه لا فدية إِذْ لاَ شَعرِ.
وأصحهما: الوجوب، لتأثيره في تَحْسِين الشعر الذي ينبت بَعْده.
ويجوز تَدْهِينُ سَائِرِ البَدَنِ شَعْرُه، وَبَشَرَتُهُ فإنه لا يقصد تحسينه وتزيينه، ولا فرق بين أن يستعمل الدّهن في ظاهر البَدَنِ، أو باطنه.
ولو كان على رأسه شجة فجعل الدهن في داخلها، فلا شيء عليه.
وعن مالك أنه إذا استعمل الدهن في ظاهر بدنه فعليه الفدية.
وعند أبي حنيفة إذا استعمل الزّيت والشيرج وجبت الفدية، سواء استعمل في رأسه أو في لحيته، أو في سائر بدنه إلا أن يداوي به جُرْحَه، أو شقوقَ رِجْلَيْهِ، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد.
والثانية: وهي الأصَحّ: أن استعمالها لا يوجب الفِدْية، وإن كان في شعر الرأس واللِّحية فيجوز أن يعلم قوله في الكتاب: (يوجب الفدية) بالألف لهذه الرواية.
وقوله: (ترجيل شَعْرِ الرأس واللِّحْيَةِ) يشعر بتخصيص المنع بتدهين الشَّعْرِ حتى لا