وعن صاحب "التَّقْرِيب" أنه مبني على الخلاف في المِلْك في زمن الخِيَار.
فإن قلنا: إنه يمنع انتقال الملك لم يجز؛ لأنه باع ما لم يملكه.
فهذا وجه من الحيلة. ووجه ثان: وهو أن يقرض الصحاح من الآخر ويستقرض منه المكسرة، ثم يبرئ كل واحد منهما صاحبه.
ووجه ثالث: وهو أن يهب كل واحد منهما ماله من الآخر.
ووجه رابع: وهو أن يبيع الصحاح بمثل وزنها من المكسرة، ويهب صاحب المكسرة الزيادة منه، فيجوز جميع ذلك إذا لم نشرط في إقراضه وهبته وبيعه ما يفعل الآخر (1). ولو باع النصف الشائع من دينار قيمته عشرة دراهم بخمسة جاز، ويسلم إليه الكل ليحصل تسليم النصف، ويكون النصف الآخر أمانة في يده بخلاف ما لو كان له عشرة على غيره فأعطاه عشرة عدداً فوزنت فكانت إحدى عشر ديناراً كان الدِّينار الفاضل للمقبوض منه على الإِشَاعة، ويكون مضموناً عليه؛ لأنه قبض لنفسه.
ثم إذا سلم الدَّراهم الخمسة فله أن يستقرضها ويشتري بها النصف الآخر، فيكون جميع الدينار له، وعليه خمسة دراهم.
ولو باع الكل بعشرة وليس مع المشتري إلاَّ خمسة فدفعها إليه، واستقرض منه خمسة أخرى وردها إليه عن الثمن جاز، ولو استقرض الخمسة المدفوعة فوجهان:
أصحهما: الجواز (2).
قال الغزالي: ثُمَّ النَّظَرُ في ثَلاَثةِ أَطْرَافٍ، أَوَّلُهَا طَرَفُ المُمَاثَلَةِ، فَمَا كانَ مَكِيلاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلاَ يَجُوزُ فِيِه إِلاَّ الكَيْلُ، وَمَا كَانَ مَوْزُوناَ فَبِالْوَزْنِ، وَمَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَقْلٌ فَالَوزْنُ فِيهِ أَحْصَرُ (ح)، وَقِيلَ: الكَيْلُ جَائِزٌ، لِأَنَّهُ أَعَمُّ، وَقِيلَ: يُنْظَرُ إِلَى عَادَةِ الوَقْتِ (و)، وَمَا لا يُقَدَّرُ كَالبطِّيخِ (و) فَلاَ خَلاَصَ فِيهِ عَنِ الرِّبَا إلاَّ مَالَهُ حَالَةٌ جَفَافٍ وَهُوَ حَالَةُ كمَالِهِ فَيُوزَنُ، وَالجَهلُ حَالَ العَقدِ بالممَاثلَةِ كَحَقِيقَةِ المُفَاضَلَةِ، فَلاَ يَصِحُّ بَيْعُ صُبْرَةِ بصُبْرَة جُزَافاً وَإِنْ خَرَجَتَا مُتَمَاثِلَتَيْنِ.