ولا فرق بين أن يجهل كلتا الصُّبْرَتين أو إحديهما.
روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نهَى عَنْ بَيعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ لاَ يَعْلَمُ مَكِيلَهَا بِالْكَيلِ المُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ" (1).
ولو قال: بعتك هذه الصُّبْرَة بتلك الصُّبْرَة مكايلة أو كيلاً بكيل، أو هذه الدراهم بتلك موازنة، أو وزناً بوزن، فإن كَالاً أَوْ وَزَنَا وخرجتا متساويتين صح العقد، وإلا فقولان. قال في "التهذيب":
أصحهما: البطلان، لأنه قابل الجملة بالجملة، وهما متفاوتتان.
والثاني: أنه يصح في الكبيرة بقدر ما يقابل الصَّغِيرة لمقابلته صَاعاً بِصَاع، ولمشتريها الخيار إذا لم يسلم له جميعها، وحيث قلنا بالصحة فلو تفرقا بعد تقابض الجملتين وقبل الكيل والوزن فهل يبطل العقد؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا، لوجود التَّقَابض في المجلس
والثاني: نعم، لبقاء العلقة بينهما.
ولو قال: بعتك هذه الصُّبْرَة بكَيْلها من صُبْرتك وصُبْرته صغيرة وصُبْرة المخاطب كبيرة صح لحصول المماثلة بين العِوَضين، ثم إنْ كَالاَ في المجلس وتقابضا تَمَّ العقد، وما زاد من الكبيرة لصاحبها، وإن تَقَابضا الجُمْلَتَيْن وتفرَّقا قبل الكيل فعلى ما سبق من الوجهين.
ولو باع صُبْرَة حِنْطة بصبرة شعير جُزافاً جاز، ولو باعها بها صَاعاً بصاع أو بصاعين فالحكم كما لو كانتا من جنس واحد.
وقوله في الكتاب: "وما لم يثبت فيه نقل فالوزن أَخْصَر" أي: فيتعين ذلك وإيراد الكتاب يقتضي ترجيح هذا الوجه.
وقوله: "وقيل: الكيل جائز" ظاهره يقتضي تجويز الكَيْل مع تجويز الوزن، وحينئذ يكون هذا الوجه وجه التخيير لكنه لم يرد ذلك، وإنما أراد وجه تَعْيين الكيل، وذلك بين من التَّوْجيه (2).
وقوله: "وما لا يُقَدَّرُ كالبَطِّيخ فلا خلاص فيه عن الرِّبَا
... " إلى آخره جواب على