قال الغزالي: وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ، فَلَوْ بَاعَ بشَرْطِ قَرْضٍ، أَوْ بِشَرْطِ بَيْعٍ أخر، أَوْ شَرَطَ عَلَى بَائِعِ الزَّرْعِ أَنْ يَحْصُدَهُ (و)، أَوْ كَانَ مِمَّا يَبْقَى عُلْقَةً بَعْدَ العَقْدِ يَثْبُتُ نِزَاعٌ بِسَبَبِهَا لَمْ يَجُزْ.
قال الرافعي: ومن البيوع التي ورد النَّهي عنها البَيْع المشروط.
روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ" (1).
قال حجَّة الإِسْلام: مطلق الخبر يقتضي امتناع كل شرط في البيع لكن المفهوم من تعليله أنه إذا انضمَّ الشرط إلى البيع بقيت علقته بعد العقد. يثور بسببها منازعة، وقد يفضي ذلك إلى فوات مقصود العقد، فحيث تفقد هذه العلّة تستثنيه عن الخبر، ولذلك يتثنى عنه شروطاً ورد في تصحيحها نصوص.
اعلم: أن الشرط في العقد ينقسم إلى فَاسِدٍ وَإِلى صحيح، فالفاسد منه يفسد العقد أيضاً على المذهب، وفيه شيء سنورده من بعد -إن شاء الله تعالى-، والفصل يشتمل على أمثلة من الشروط الفاسدة، ثم يليه بيان الشروط الصحيحة.
فمن الشروط الفاسدة: إذا باع عبده بألف بشرط أن يبيعه داره أو يشتري منه داره، أو بشرط أن يقرضه عشرة لم يصح، لأنه جعل الألف ورفق العقد الثاني ثمناً، واشتراط العقد الثاني ثمناً، واشتراط العقد الثاني فاسد فبطل بعض الثمن، وليس له قيمة معلومة حتى يفرض التوزيع عليه وعلى الباقي، وإذا أتيا بالبيع الثاني نظر إِنْ كانا يعلمان بطلان الأول صح وإلاَّ فلا لأنهما يأتيان به على حكم الشرط الفاسد، هكذا نقله صاحب "التهذيب" وغيره والقياس صحته، وبه قطع الإمام، وحكاه عن شيخه في "كتاب الرهن" (2).
ولو اشترى زرعاً واشترط على بائعه أن يحصِدُه، ففيه ثلاث طرق:
أحدها: وبه قال أبو إسحاق: أن هذا التَّصرف شراء للزرع، واستئجار للبائع على الحصاد، فيجيء فيه القولان فيما لو جمع بين صَفْقَتَين مختلفي الحكم؛ وهذا هو اختيار ابن الصَّبَّاغ.
والثاني: أن شرط الحَصَاد باطل قولاً واحداً؛ لأنه شرط عملاً فيما لم يملكه،