بالعقد في إفساده، وإن حطّ جميع الثمن كان كما لو باع بلا ثمن -والله أعلم-.
قال الغزالي: القِسْمُ الثَّانِي مِنَ المَنَاهِي مَا لاَ يدُلُّ عَلَى الفَسَادِ وَهُوَ كُلُّ مَا نُهِيَ عَنْهُ لِمجَاوَرَةِ ضَرَرِ إيَّاهُ دُونَ خَلَلِ فِي نَفْسه، وَمِنْهُ النَّهْيُ عَنِ الاحْتِكَارِ، (1) وَالتَّسْعِيرِ.
قال الرافعي: أما ترجمة القسم فقد مرَّ ما فيها في أول الباب.
وأما: فِقْهُ الفَصْل فمسألتان:
إحداهما: الاحتكار مَنْهِيٌّ عنه ثم هو مكروه أو محرَّم.
قال بعض الأصحاب: إنه مكروه.
والأصح: التحريم؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَحْتَكِرُ إِلاَّ خَاطئٌ" (2) أَيْ: آثِمٌ.
وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الجَالِبُ مَرْزَوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ" (3).
وروي أيضاً "مَنِ احْتَكَرَ الطَّعَامَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللهِ وَبَرِئَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ" (4). والاحتكار: أن يشتري ذو الثروة الطعام في وقت الغلاء، ولا يدعه للضُّعَفاء ويحبسه ليبيعه منهم بأكثر عند اشْتِدَاد حاجاتهم.
ولا بَأْس بالشِّرَاء في وقت الرُّخص ليبيع في وقت الغلاء ولا أن يشتري في وقت الغلاء لنفقة نفسه وعياله، ثم لو فضل شيء فيبيعه في وقت الغلاء، ولا بأن يمسك غَلَّة ضَيْعَته ليبيع في وقت الغلاء، ولكن الأولى أن يبيع ما فضل عن كفايته، وهل يكون إمساكه مكروهاً؟ ذكروا فيه وجهين، وتحريم الاحتكار يختص بالأَقْوات، ومنها التَّمر والزَّبيب ولا يعم جميع الأطعمة.