عَنِ البَيْعِ عَلَى البَيْعِ، وَهُوَ بَعْدَ العَقْدِ وَقَبْلَ اللُّزوُمِ، وَنَهْيٌ عَنِ النَّجَشِ، وَهُوَ أَنْ يَرْفَع قِيمَةَ السِّلْعَةِ وَهُوَ غَيْرُ رَاغِبٍ فِيهَا لِيَخْدَع المُشْتَرِيَ بالتَّرْغِيبِ.
قال الرافعي: مقصود الفصل الكلام في ثلاثة من المَنَاهي في البيع:
أحدها: روي عن ابْن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- أن النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ" (1).
وصورته: أن يأخذ شيئاً ليشتريه، فيجيء غيره إليه ويقول: ردَّه حتى أبيع منك خيراً منه بأرخص، أو يقول لمالكه: استرده لأشتريه منك بأكثر، وإنما يحرم ذلك بعد استقرار الثمن.
فأما ما يطاف به فيمن يزيد وطلبه طالب، فلغيره الدخول عليه والزيادة في الثمن.
روي "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَادَى عَلَى قَدَحٍ، وَجَلَسَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: هُمَا عَلَيَّ بِدِرْهَم، ثُمَّ قَالَ آخَرُهُمَا عَلَيَّ بِدِرْهَمَيْنِ فَقَالَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "هُمَا لَكَ بِدِرْهَمَيْنِ" (2).
وإنما يحرم إذا حصل التَّرَاضي صريحاً، فإن جرى ما يدل على الرِّضَا، ففي تحريم السَّوْم على سَوْم الغَيْرِ وجهان كالقولين في تحريم الخِطْبة في نظيره.
والجديد: أنه لا يحرم.
وهل السكوت من أدلة الرِّضا إذا لم يقترن به ما يشعر بالإنكار.
فأما في الخطبة فنعم.
وأما هاهنا قال الأكثرون: لا. بل هو كالتَّصريح بالرد، وعن بعضهم: أنه كما في الخِطْبة حتى يخرج علي الخلاف.
وثانيها: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ" (3).
وصورته: أن يشتري الرجل شيئاً، فيدعوه غيره إلى الفَسْخ ليبيعه خيراً منه