الناجش، وشرط في تَعْصية من باع على بيع أخيه أن يكون عالماً بالحديث الوارد فيه.
قال الشارحون: السبب فيه أن النجش خديعة، وتحريم الخديعة واضح لكل أَحَدٍ، ومعلوم من الألفاظ العامة، وإن لم يكن يعلم هذا الخبر بخصومه، والبيع على بيع الأخ إنما عرف تحريمه من الخبر الوارد فيه، فلا يعرفه مَنْ لا يعرف الخبر (1).
وذكر بعضهم: أن تحريم الخِدَاع يعرف بالعَقْل وإن لم يرد شَرْع.
ولك أن تقول: كما أن النَّجَش خديعة فالبيع على بيع الأخ إضرار، وكما أن تحريم النَّجَش يعرف من الأَلفاظ العامة في تحريم الخِدَاع، فكذلك تحريم البَيْع على البَيْع يعرف من الألفاظ العامة في تحريم الإضرار، وإن لم يعلم الخبر الوارد فيه بخصومه.
وأما الكلام الثاني فليس معتقدنا، ومن قال به فقد يَطْرُدُه في الإِضْرار.
والوجه: توقيف المَعْصِية على مطلق معرفة الحُرْمة، إمَّا من عموم أو من خصوص.
قال الغزالي: وَنَهْيٌ أَنْ تُولَهَ وَالدَةٌ بِوَلَدِهَا وَذَلِكَ فِي الصَّغِيرِ، فَإِنْ فُرِّق بَيْنَهُمَا بِالبَيْعِ فَفِي فَسَادِ الَبيْعِ قَوْلاَنِ، لأَنَّ التَّسْلَيمَ تَفْرِيقٌ مُحَرَّمٌ فَكَأنَّهُ مُتَعَذِّرٌ.
قال الرافعي: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لاَ تُولَهُ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا" (2).
وعن أبي أيوب -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَولَدهَا فَرَّقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (3).
وعن عبادة بن الصَّامت -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الأُمِّ وَوَلَدِهَا، قِيلَ إِلَى مَتَى؟ قَالَ: حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلاَمُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ" (4).
فهذه الأخبار ونحوها عَرَّفتنا تحريم التفريق بين الجارية وولدها الصغير بالبيع