والقِسْمة والهِبَة وغيرها، ولا يحرم التّفريق في الْعِتق، ولا في الوصية، فلعل الموت يكون بعد انْقضاء زمان التحريم. وفي الرد بالعيب اختلاف للأصحاب، وعن الشيخ أبي إسحاق الشِّيْرَازِيّ: أنه لو اشترى جَارِيَة وولدها الصغير، ثم تَفَاسخا البيع في أحدهما جاز، وحكم التّفريق في الرهن مذكور في "كتاب الرَّهْن" (1).
وإذا فرق بينهما بالبيع والهِبَة ففي الصحة قولان: أحدهما: يصح، وبه قال أبو حنيفة؛ لأن النهي لما فيه من الإضرار لا يحلل في نفس البيع.
وأصحهما: المنع؛ لما روي عن علي -رضي الله عنه- أنه "فَرَّق بَيْنَ جَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا فَنَهَاهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلكَ وَرَدَّ الْبَيْعَ (2) ".
ولأن التسليم تفريق محرم فيكون كالمتعذر، لما مر أن العجز قد يكون حِسِّياً وقد يكون شَرْعياً. وحكى أبو الفرج البَزَّازُ أن القولين فيما إذا كان التفريق بعد سقي الأم ولدها اللّباء، فأما قبله فلا صحة جزماً؛ لأنه تسبب إلى هلاك الولد، إلى متى يَمْتدُّ تحريم التفريق؟ فيه قولان: أحدهما: إلى البلوغ، وبه قال أبو حنيفة لخبر عبادة.
وأظهرهما: وهو الذي نقله المزني: أنه إلى سنِّ التَّمْيِيز، وهو سبع أو ثمان على التَّقريب، لأنه حينئذ يستغنى عن التَّعَهُّد والحَضَانة، ويقرب من هذا مذهب مالك، فإن عنده يمتد التحريم إلى وقت سقوط الأسنان.
وقوله في الكتاب: "وذلك في الصغر" يوافق القول الأول لفظاً، ويكره التفريق بعد البلوغ، ولكن لو فرق بالبيع أو الهبة صح خلافاً لأحمد.
ولو كانت الأم رقيقة والولد حُرّاً، وبالعكس فلا مَنْعَ من بَيْعِ الرَّقيق ذكره في "التَّتمة"، والتَّفْريق بين البَهِيمة وولدها بعد استغنائه عن اللّبن جائز.
وعن الصَّيْمَرِي حكاية وجه آخر (3).
وهل الجدّة والأب وسائر المحارم كالأم في تحريم التَّفْريق؟ هذه الصُّورة مذكورة