بمعناها كان كالتَّصْريح بالاشْتراط، وإن كانا جاهلين لم يثبت الخيار، وإن علم البائع دون المشتري، ففيه وجهان عن ابن القَطَّان:
أحدهما: لا يثبت لعدم التَّرَاضي.
والثاني (1) يثبت لظاهر قوله:"قُلْ لاَ خِلاَبَةَ، وَلَكَ الْخُيَارُ ثَلاَثاً".
وأما اللفظة المروية في الكتاب، وهي قوله: "وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلاتة أَيَّامٍ"، فلا تكاد توجد في كتب الحديث ولا الفقة، نعم في شرح "مختصر الجويني" للموفق بن طاهر "قُلْ: لاَ خِلاَبَةَ وَاشْتَرِطْ الْخِيَارَ ثَلاَثاً"، وهما متقاربان.
إذا عرفت ذلك ففي الفصل ثلاث صور:
إحداها: لا يجوز شرط الخِيَار أكثر من ثلاثة أيّام ولو زاد فسد العقد؛ لأن الخيار غرر، فلا يزاد على ما ورد به الخبر.
وقال مالك: تجوز الزيادة بحسب الحاجة حتى لو اشترى ضَيْعَة يحتاج النَّظر فيها إلى شهر فصاعداً يجوز شرطه.
وعن أحمد: تَجْوِيز الزِّيَادة من غير تَحْدِيد، ويجوز شرط ما دون الثَّلاَث بطريق الأَوْلَى، لكن ولو كان المَبِيع مِمَّا يتسارع إليه الفَسَاد فيبطل البيع أو يصح، ويباع عند الإِشْرَاف على الفساد، ويقام ثمنه مقامه.
حكى "يحيى اليمن" عن بعض من لقيه فيه وجهين (2).
وقال مالك: إن كان المبيع مِمَّا يعرف حاله بالنَّظَر ساعة أو يوماً لم تَجُزِ الزيادة، ويشترط أن تكون المُدَّة مُتَّصلة بالعقد حتى لو شرطا خيار ثلاثة، فما دونها من آخر الشهر أو متى شاء، أو شرطا خيار الغد دون اليوم فسد العقد؛ لأنه إذا تراخت المدة عن العقد لزم، وإذا لزم لم يعد جائزاً، ولهذا لو شرطا خيار الثلاثة ثم أسقط اليوم الأول، سقط الكل.
الثانية: لا يجوز شرط الخِيَار مطلقاً، ولا تقديره بمدة مجهولة، ويفسد العقد به خلافاً لمالك، حيث قال: يصح، ويحمل على ما تقتضيه العادة فيه، لنا القياس على الأجل.
ولو شرطا الخيار إلى وقت طلوع الشمس من الغد جاز، ولو قالا: إلى طلوعها.