والثاني: من وقت التَّفرق أوالتَّخاير، ونقل الإمام عمن صار إليه تعليلين:
أحدهما: أن الخِيَارين متماثلان، المِثْلان لا يجتمعان.
والثاني: أن الظاهر، أن الشَّارط يبغي بالشَّرط إثبات ما لولا الشرط لما ثبت، وخيار المجلس ثابت وإن لم يوجد الشَّرط فيكون المقصود ما بعده.
ولك أن تقول: أما الأول فليس الخِيَار إلاَّ واحداً، لكن له جهتان: المجلس والشرط، وذلك لا بعد فيه، كما أنه قد يثبت الخِيَارُ بجهة الخلف والعيب معه.
وأما الثَّاني: فتنزيل الشرط على ما ذكره يورث الجَهَالة؛ لأن وقت التَّفرق مجهول.
والوجهان على ما روى الشيخ أبو علي وغيره مطَّردان في الأجل لكن بالترتيب، إن جعلنا الخيار من وقت العقد فالأجل أولى، وإلاَّ فوجهان، والفرق أن الأجل لا يثبت إلاَّ بالشَّرط، فالنظر فيه إلى وقت الشَّرْط، والخيار قد يثبت من غير شرط، فمقصود الشَّرْط إثبات ما لولاه لما ثبت، وأيضاً فإنَّ الأجل وإن شارك الخيار في منع المطالبة بالثَّمن لكنه يخالفه من وجوه، واجتماع المختلفين غير مستنكر.
التفريع: إن قلنا بالأول، فإذا انقضت المدة وهما مصطحبان بعد، انقطع خيار الشَّرْط، وبقي خِيَار المجلس، وإن تَفَرَّقا والمدة باقية فالحكم بالعكس، ولو أسقطا أحد الخِيَارين لم يسقط الآخر، ولو قالا: ألزمنا العقد وأسقطنا الخيار مطلقاً سقطا، ولو شرطا الاحتساب من وقت التفرق بطل الشرط والعقد؛ لأنه مجهول.
وعن رواية صاحب "التقريب" وجه: أنهما صحيحان.
وإن قلنا بالوجه الثاني، فإذا تفرقا انقطع خيار المَجْلس، واستؤنف خِيَار الشَّرط، ولو أسقطا الخيار قبل التفرق بطل خيار المجلس، ولا يبطل الآخر في أصح الوجهين؛ لأنه غير ثابت بعد، ولو شرطا الاحتساب من وقت العَقْدِ فوجهان:
أصحهما: صحَّة العقد والشَّرط، وبناهما الإمام على التعليلين السابقين، إن علّلنا باجتماع الخِيَارين بطلا، وإلاَّ صحا؛ لأن التَّصريح بالاحتساب من العقد يبين أنه ما أراد بالشرط ما بعد التفرق، ولو شرط الخيار بعد العقد وقبل التفرق، وقلنا بثبوته فالحكم على الوجه الثاني لا يختلف.
وعلى الأول فالاحتساب من وقت الشرط لا من وقت العقد ولا من وقت التفرق، هذا شرح إحدى مسألتي الفصل.
والثانية: لمن له خيار الشَّرط من المتعاقدين فسخ العقد حضر صاحبه أو غاب، وبه قال مالك وأحمد.