وإن قلنا بالانفساخ فعلى المشتري القيمة، قال الإمام: وهاهنا يقطع باعتبار قيمة يوم التلف؛ لأن الملك قبل ذلك للمشتري، وإنما يقدر انتقاله إليه قُبَيل التَّلَف، وإن قلنا: بعده الانفساخ، فهل ينقطع الخيار؟
فيه وجهان:
أحدهما: نعم، كما ينقطع خيار الرد بالعيب بتلف المبيع.
وأصحهما: لا، كما لا يمتنع التَّحَالُف بتلف المبيع ويخالف الرَّد بالعيب؛ لأن الضَّرَر ثم يندفع بالأرْشِ. فإن قلنا بالأول استقر العَقْد ولزم الثمن.
وإن قلنا بالثاني، فإن تَمَّ العقد لزم الثمن، وإلاَّ وجبت القِيْمَة على المشتري. واسترد الثمن، فإنْ تنازعا في تعيين القيمة، فالقول قول المشتري، وعن بعض الأصحاب طريقة أخرى في المَسْأَلة وهي، القطع بعدم الانفساخ.
وإن قلنا: إن الملك للبائع وذكروا تفريعاً عليه، أنه لو لم ينفسخ حتى انقضى زمان الخيار، فعلى البائع رد الثمن، وعلى المشتري القيمة؛ لأن المبيع تلف على ملك البائع، فلا يبقى الثمن على ملكه. قال الإمام: وهذا الخليط ظاهر.
الثاني: لو قبض المشتري المبيع في زمان الخِيَار، وأْتلفه متلف قبل انقضائه إن قلنا: إنَّ الملك للبائع، انفسخ البيع كما في صورة التَّلف؛ لأن نقل الملك بعد الهَلاَك لا يمكن.
فإن قلنا: إنه للمشتري أو موقوف نظر إن أتلفه أجنبي فيبنى على أن لو تلف. إنْ قلنا: ينفسخ العقد ثم، فهذا كإتلاف الأجنبي المَبِيع قبل القبض، وسيأتي حكمه -إن شاء الله تعالى- وإن قلنا: لا ينفسخ، وهو الأصح فكذلك هاهنا، وعلى الأجنبي القيمة والخِيَار بحاله، فإن تَمَّ البيع فهي لِلْمُشْتَري إلاَّ فللبائع، ولو أَتْلفه المشتري استقر الثمن عليه، فإن أتلفه في يد البَائِعِ وجعلنا إتلافه قبضاً، فهو كَمَا لَوْ تلف في يده، وإن أتلفه البائع في يد المشتري.
ففي "التتمة": يبنى على أن إتلافه كإتلاف الأجنبي أو كالتلف بآفة سماوية، وستعرف الخلاف فيه.
والثالث: لو تلف بعض المبيع في زمان الخِيَار بعد القبض، كما لو اشترى عبدين فمات أحدهما، ففي الانفساخ فيما تلف الخِلاَف السَّابق إن انفسخ جاء في الانفساخ في الباقي قَوْلاً تفريق الصفقة، وإن لم ينفسخ بقي خياره في الباقي إن قلنا: بجواز ردّ أحد العبدين، إذا اشتراهما بشرط الخيار، وإلاَّ ففي بقاء الخِيار في الباقي الوجهان، وإذا بقي الخيار فيه وفسخ رَدَّه مع قيمة الهالك.