كما لَوْ وهب مِنْ ولده؛ لأن الملك في الصورتين زائل، والرجوع إعادة لما زال، وإن تجرَّدَ الرَّهْن والهِبَة عَنِ القَبْض فالحكم فيه كما في العرض على البيع وسيأتي -إن شاء الله تعالى-. الثَّالِثَةُ: إذا علم البائع أن المشتري يطأ الجارية وسكت عليه هل يكون مجيزاً؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم لإشعاره بالرِّضَا، وأيد ذلك بقوله في "المختصر": ولو عجل المشتري فوطئها وأحبلها قبل التفرق في غفلة من البائع، فاختار البائع الفسخ كان على المشتري مَهْر مثلها قيد بما إذا وطئ في غفلة من البائع.
وأصحهما: لا كما لو سكت على بيعه وإجارته، وكما لو سكت على وطء أمته لا يسقط به المهر، وهذا هو المذكور في الكتاب.
ولو وطئ بالإذن حصلت الإِجَازة، ولم يجب على المشتري مهر ولا قيمة ولد، وثبت الاسْتِيلاد بلا خلاف، وما مر في الفصل السابق مفروض فيما إذا باع ولم يأذن له البائع في الوطء ولا علم به.
الرابعة: وطء المشتري هل يكون إجازة منه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، بل له الفسخ بعد ذلك، كما له الرد بالعيب بعد الوطء.
وأصحهما: وبه أجاب في الكتاب: نعم؛ لأن وطء البائع اختيار للمبيع، فكذا وطء المشتري، ويخالف الرد بالعيب لأنه عند الوطء جاهل بالحال، حتى لو كان عالماً يسقط الخيار. ولو أعتق المشتري نظر إن أعتق بإذن البائع نفذ، وحصلت الإجَازَة من الطَّرَفَيْن، وإن أعتق بغير إذنه ففي نفوذه ما سبق، فإن نفذ حصلت الإجَازة، وإلاَّ فوجهان حكاهما الإمام.
أظهرهما: الحصول أيضاً لدلالته على اختيار الملك.
قال: ويتوجه أن يقال: إن أعتق وهو يعلم عدم نفوذه لم يَكُنْ إجازة بلا خلاف.
ولو باع أو وقف أو وهب أو قبض بغير إذن البائع لم ينفذ، ولا يجئ فبها الخلاف المذكور في العِتْق لاختصاصه بمزيد القُوَّة والغلبة، وهل يكون إجازة؟
قال أبو إسحاق: لا؛ لأن الإجازة لو حصلت لحصلت ضمناً للتصرف فإذا لغا التَّصرف فلا إجازة
وقال الإصْطَخْري: نعم لدلالته على الرِّضَا والاختيار، وهذا أصَحُّ عند الأصحاب. ولو باشر هذه التَّصرفات بإذن البائع أو باع من البائع نفسه صح التصرف على أصح الوجهين.