يقطع خيار البائع لا يقطع خيار المشتري، ولو أبدل لفظ البائع بالبيع لم يكن به بأس، والمواضع المُحْتَاجة إلى الإعلام من لفظ الكتاب بَيِّنة مِمَّا أوردناه، -والله أعلم-.
قال الغزالي: وَلَوِ اشْتَرَى عَبْداً بِجَارِيةٍ وَأَعْتَقَهُمَا مَعاً تَعَيَّنَ العِتْقُ في العَبْدِ عَلَى الأَصَحِّ (ح) تَقْدِيماً لِلإجَازَةِ عَلَى الفَسْخِ.
قال الرافعي: إذا اشترى عبداً بجاربة ثم أعتقهما معاً، نظر إن كان الخيار لهما عتقت الجارية، بناء على ما مر أن إعتاق البائع نافذ متضمّن للفسخ، ولا يعتق العبد المشتري، وإن جعلنا الملك فيه لمشتريه لما فيه من إبطال حق صاحبه على الأصح، وعلى الوجه الذي قلنا بنفاذ إعتاق المشتري تفريعاً على أن الملك للمشتري؛ يعتق العبد ولا تعتق الجارية. وإن كان الخِيَار لمشتري العبد وهو المراد من مسألة الكتاب لم يحكم بعتقهما معاً، وعن أبي حنيفة: أنهما يعتقان.
لنا: أنه لا ينفذ إعتاقهما على التعاقب فكذلك دفعة واحدة، وفيمن يعتق منهما وجهان: أحدهما، وهو ما أورده ابن الصباغ: أنه يعتق الجارية؛ لأن تنفيذ العتق فيها فسخ وفي العبد إجازة، والفسخ والإجازة إذا اجتمعا نفذ الفسخ، ولهذا لو فسخ أحد المتبايعين وأجاز الآخر قدم الفسخ.
وأصحهما، وبه أجاب ابن الحداد: أنه يعتق العبد؛ لأن الإجازة إبقاء للعقد، والأصل فيه الاستمرار. قال الشيخ أبو علي: الوجهان مبنيان على أن الملك في زمان الخيار للبائع أو المشتري.
إن قلنا بالأول فالعبد غير مملوك لمشتريه، وإنما ملكه الجارية فينفذ العتق فيها.
وإن قلنا بالثاني فملكه العبد فينفذ العتق فيه، ثم حكى وجهاً ثالثاً وهو: أنه لا يعتق واحد منهما؛ لأن عِتْقَ كل واحد منهما يمنع عتق الآخر، وليس أحدهما أولى من الآخر فيتدافعان. وإن كان الخِيَار لبائع العَبْد وحده فالمعتق بالإِضَافة إلى العَبْد مشترٍ، والخيار لصاحبه، وبالإضافة إلى الجَارِية بائع والخيار لصاحبه، وقد سبق الخلاف في إعتاقهما والصورة هذه، والذي يخرج منه الفتوى: أنه لا حكم بنفوذ العِتْق في واحد منهما في الحال، فإن فسخ صاحبه البيع فهو نافذ في الجارية، وإلاَّ ففي العبد.
ولو كانت المسألة بحالها وأعتقهما مشتري الجارية، فقس الحكم بما ذكرنا.
وقيل: إن كان الخِيَار لهما عتق دون الجَارِيَة على الأصَحّ، وإن كان الخِيَار للمعتق وحده فعلى الوجوه الثلاثة في الأول يعتق العبد، وفي الثاني: تعتق الجارية، ولا يخفى الثالث.
قال الغزالي: (القِسْمُ الثَّانِي خِيَارُ النَّقِيصَةِ) وَهُوَ مَا يَثْبُتُ بِفَوَاتِ أَمْرٍ مَظْنُونٍ نَشأ الظَّنُ