فِيهِ مِن الْتِزَام شَرْطِيٍّ، أَوْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ، أَوْ تَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ أَمَّا الالْتِزَامُ الشَّرْطِيُّ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُ بِشَرْطِ أنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ أَوْ مُتَجَعِّدُ الشَّعرِ فَإنْ فُقِدَ فَلِلْمُشْتَرِي الخِيَارُ، وَكَذَلِك كُلُّ وَصْفٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ أَوْ مَالِيَّةٌ.
قال الرافعي: لما فرغ عن الأول من قسمي الخيار، وهو خيار التَّرَوِيّ شرع في الثاني، وهو خيار النَّقِيصَة المنوط بفوات شيء في المعقود عليه كأن يتوقع ويظن حصوله، وذلك الظَّن على ما ذكره ينشأ من أحد ثلاثة أمور:
أولها: أن يشرط العاقد كَوْنَ المعقود عليه بتلك الصِّفة.
وثانيها: اطِّراد العُرْف بحصولها فيه.
وثالثها: أنْ يفعل العاقد ما يووث ظَنّ حصولها فالأول مثل قوله: بِعْتُ هذا العبد بشرط أنه كاتب أو خباز.
واعلم: أن الصِّفَات الملتزمة بالشرط قسمان:
أحدهما: الصِّفَات الَّتِي تتعلّق بها زيادة مالية فيصح التزامها، والخلف فيها يثبت الخيار كالعَيْب.
والثَّاني: الصِّفَات الَّتِي لا تتعلّق بها زيادة مالية وهي قسمان:
أحدهما: التي يتعلق بها غرض معقول والخلف فيها يثبت الخيار أيضاً وفاقاً أو على اختلاف فيه وذلك بحسب قوة الغَرَض وضعفه.
والثاني: التي لا يتعلق بها غرض معقول، فاشتراطها يَلْغُو ولا خِيَار بفقدها، ولنقض الصور على هذه الأقسام:
فإذا شرط كون العبد خَبَّازاً أو كاتباً أو صائغاً فهو من القسم الأول، ويكفي أن يوجد من الصفة المشروطة ما ينطلق عليه الاسم، ولا تشترط النهاية فيها ولو شرط إسلام العبد فَبَانَ كافراً، فله الرد لفوات فضيلة الإسلام، وكذا لو شرط تهوّد الجارية أو تنصُّرها فَبَانَت مجوسية، ولو شرط كفر الرَّقيق فَبَانَ مسلماً ثبت الخيار على المذهب، وبه قال أحمد لا لنقيصة ظهرت، ولكن لأن الكافر يشتريه المسلم والكافر، والمسلم لا يشتريه إلاَّ المسلم فقط فتقل فيه الرغبات.
وقيل: إن كان قريباً من بلاد الكفر أو في ناحية أغلب أهلها الذِّميون ثبت الخيار وإلا فلا. وقال أبو حنيفة والمزني: لا خيار أصلاً.
ولو شرط بكَارة الجارية فَبَانَت ثَيِّباً فله الرد، ولا فرق بين أن تكون الجارية المُشْتَراة بهذا الشرط مزوَّجة أو غير مزوجة.