إن جعلناه من ضمان البائع فللمشتري الرد بكونها مزوجة، فإن تعذر الرد بسبب رجع بالأَرْش، وهو ما بين قيمتها بِكْراً غير مزوجة ومزوجة مفتضة من الثمن.
وإن جعلناه من ضمان المشتري فلا رد له وله الأرْش، وهو ما بين قيمتها بكراً غير مزوجة وبكراً مزوجة من الثمن. وإن كان عالماً بكونها مزوجة، أو علم ورضي فلا رد له، فإن وجد بها عيباً قديماً بعدما اقتضت في يده فله الرد، إن جعلناه من ضمان البائع وإلاَّ يرجع بالأَرْش، وهو ما بين قيمتها مزوجة ثيباً سليمة ومثلها معيبة (1).
الرابعة: اشترى عبداً مريضاً وتمادى المرض إلى أن مات في يد المشتري، فعن الشيخ أبي محمد فيه طريقان:
أحدهما: أنه على الخلاف المذكور في الصورة السابقة، ويحكى هذا عن الحَلِيميّ.
وأظهرهما وأشهرهما: القطع بأنه من ضمان المشتري؛ لأن المرض يزداد شيئاً فشيئاً إلى الموت، والرد خصلة واحدة وجدت في يد البائع، فعلى هذا إذا كان جاهلاً رجع بالأرش، وهو ما بين قيمته صحيحاً ومريضاً.
وتوسط صاحب "التَّهْذيب" بين الطريقين، فقطع فيما إذا لم يكن المرض مخوفاً بكونه من ضمان المشتري، وجعل المرض المخوف والجرح السَّاري على الوجهين.
واعلم: أن هذه الصُّورة والخلاف فيها قد ذكرها في أحكام بيع الثِّمَار وإن لَمْ تكن مذكورة في هذا الموضع، وإذا وقفت على هذا الشرح، عرفت أن الخلاف في قوله في الكتاب: "فيه خلاف" ليس منصوصاً في أنه هل يثبت خيار الرد في جميع الصور المذكورة، لأن في صورة قتل المرتد، إن جعلناه من ضمان المشتري فلا رد لهلاك المبيع، وإنْ جعلناه من ضمان البائع فينفسخ البيع، ويتبيَّن تلفه على ملك البائع، وحينئذ لا معنى لخيار الرد، فإذًا الخلاف في هذه الصورة في أنه من ضمان من؟
على ما تقرَّر في الصورتين الباقيتين يصح في خيار الرَّد بناء على هذا الأصل -والله أعلم-.