أحمد: أنه لا يكفي فيه التَّخلية، بل لا بد من النَّقْل والتَّحْويل.
وقال مالك وأبو حنيفة: إنه يكفي التَّخلية كما في العَقَار، وعن رواية حرملة قول مثله، وفيه وجه آخر: أنَّ التَّخلية كافية لنقل الضَّمان إلى المشتري غير كافية للتَّسلط على التصرف؛ لأن البائع أتى بما عليه والمقصر المشتري حيث لم ينقل، فليثبت ما هو حق البائع. وجه ظاهر المذهب ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كُنَّا نَشْتَرِيَ الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ جُزَافاً، فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَبيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانه" (1).
وأيضاً فإن العادة في قبض المنقول النقل، فعلى هذا يأمر العبد بالانتقال من موضعه، ويسوق الدابة أو يقودها (2).
وإذا كان المبيع في موضع لا يختص بالبائع كَمَوات ومسجد وشارع، أو في موضع يختص بالمشتري، فالنقل من حَيِّز إلى حَيِّز كافٍ. وإن كان في دار البائع أو في بقعة مخصوصة به، فالنقل من زاوية إلى زاوية، أو من بيت إلى داره أو من دار إلى بيت آخر بدون إذن البائع لا يكفي لجواز التصرف، ولكن يكفي لدخوله في ضمانه، وإن نقل بإذنه حصل القبض، وكأنه استعار ما نقل إليه المال. ولو اشترى الدَّار صَحَ أمتعة فيها صفقة واحدة، فخلَّى البائع بينه وبينها حصل القبض في الدار، وفي الأمتعة وجهان:
أصحهما: أنه لا بد فيها من النقل أما لو بيعت وحدها.
والثاني: أن القبض يحصل فيها أيضاً تبعاً، وبهذا أجاب الماوردي، وزاد فقال: لو اشترى صُبْرَة ولم ينقلها حتى اشترى الأرض الَّتي عليها الصُّبْرة، وخلى البائع بينه وبينها حصل القبض في الصبرة (3).
ولو لم يتفقا على القبض، ولكن جاء البائع بالمبيع وامتنع المشتري من قبضه أجبره الحاكم عليه، فإن أصر أمر الحاكم من يقبضه عنه، كلما لو كان غائباً (4).
ولو جاء البائع بالمبيع فقال المشتري: ضعه، فوضعه بين يديه حصل القبض،