ولو كان قد اشتراه بثمن مؤجل وحال، فلم يتبيّن كونه مؤجلاً لم يثبت الأجل في حق المشتري الثَّاني، ولكن له الخيار، وكذلك إذا ترك ذكر شيء آخر مِمَّا يجب ذكره.
وقوله في الكتاب: فإن كذب في شيء من ذلك ففي استحقاق حَطّ قدر التَّفَاوت قولان، يقتضي إثبات الخلاف فيما إذا أخبر عن سلامة المبيع وكان معيباً أو عن حلول الثمن وكان مؤجلاً، كما لو أخبر عن القدر كاذباً، وقد صرح في "الوسيط" بذلك، فيما إذا لم يخبر عن العَيْب فضلاً عن أن يخبر عن السَّلامة كاذباً، ولكن لم أر لغير المُصَنَّف رحمه الله تعرضاً لذلك، فإن ثبت الخلاف فَالسَّبيل على قول الحَطّ النظر إلى القيمة وتقسيط الثَّمن عليها (1) والله أعلم.
قال الغزالي: وَلَوْ كَذَبَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَصَدَّقَهُ المُشْتَرِي، فَالأصَحُّ أَنْ لاَ تَلْحَقَهُ الزِّيَادة إِذ العَقْدُ لاَ يَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ وَلَكِنْ لِلبَائِعِ الخِيَارُ إِنْ صَدَّقَهُ المُشْتَرِي، وَإِنْ كَذَّبُه فَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ ودَعْوَاهُ لأَنَّهُ عَلَى نَقِيضِ مَا سَبَقَ مِنْهُ، وَإِنْ ذَكرَ وَجْهاً مُخيّلاً فِي الغَلَطِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى رَأَيِ لِبَعْضِ الأَصْحَابِ مُتَّجِه.
قال الرَّافِعِيُّ: تكلمنا فيما إذا كذب المُشْتَري في قدر الثَّمن بالزيادة غلطاَ أو خيانةً، أما إذا كذب بالنقصان بأن قال: كان الثمن أو رأس المال، أو ما قامت به السلعة على مائة، وباع مُرَابَحَة ثم عاد، وقال: غلطت، وإنما هو مائة وعشرة، فننظر إن صدقه المشتري، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يصح البيع، كما لو غلط بِالزِّيادة.
وأصحّهما عند الإمام وصاحب "التهذيب": أنه لا يصحّ لتعذُّر إمْضَائه، فإنَّ العقد لا يحتمل الزيادة، وأما النقصان فهو معهود بدليل الأَرْش (2).
فإن قلنا بالأول، فأصح الوجهين أن الزِّيَادة لا تثبت، ولكن للبائع الخِيار.
والثاني: أنها تثبت مع ربحها، وللمشتري الخيار.
وقوله في الكتاب: (فالأصح أن العقد لا يحتمل الزِّيادة) إلى آخره، أراد به الوجهين الأخيرين المُفرَّعين على وجه الصِّحة، وذلك جواب منه بالصحة، وهو الَّذِي أورده القَاضِي المَاوِرْدِي.
وقوله آخِراً: (إن صدقه المشتري) تَكْرار غير محتاج إليه، فإنه قد تبين ذلك في