ولا يجوز بيع الجَزر والثَّوم والبَصَل والفِجْل والسَّلْق في الأرض لتستر المقصود، ويجوز بيع أوراقها الظاهرة بشرط القَطْع، وبيع القَنَّبِيْط في الأرض لظهوره، وكذا نوع من السَّلْجَم، يكون ظاهراً ويجوز بيع اللَّوْز في القِشْرَة العُلْيا قبل انعقاد السُّفلى؛ لأنه مأكول كله كالتُّفَّاح، وهو القول بالمَنْعِ في صور الفَصْل مقطوع به أمْ هو مفرج على قول مَنْعِ بيع الغائب. ذكر الإمام أنه مفرع عليه أما إذا جوَّزنا بيع الغائب صَحَّ البَيْعُ فيها جميعاً، وعلى هذا جرى في الكتاب، حيث قال: (إلاَّ على قول تجويز بَيْع الغَائِب) وفي "التهذيب": أن المنع في بيع الجَزَر وما معناه في الأرض ليس مبنياً على بيع الغائب؛ لأنه في بيع الغَائِب يمكن رد المبيع بعد رؤيته بصفته، وهاهنا لا يمكن (1)، وعند أبي حنيفة ومالك وأحمد يصح البيع في جميع صورة الفَصْل.
وإذا قلنا بالمنع فلو باع الجَوْزَ مثلاً في القِشْرَة العُلْيَا مع الشجرة أو باع الحِنْطَة في سنبلها مع الأرض فطريقان:
أحدهما: أن البيع باطل في الجَوْز والحب، وفي الشجرة والأرض قَوْلاً تفريق الصَّفْقة.
وأصحهما: القَطْع بالمنع في الكل للجهل بأحد المَقْصُودين وتعذر التوزيع.
ولو باع أرضاً مبذورة مع البذر، فقد قيل: يصحُّ البَيْع في البذر تبعاً للأرض، والمذهب بطلان البيع فيه، ثم في الأرض الطريقان، ومن قال بالصحة في الأَرْض لا يذهب إلى التوزيع بل يوجب جميع الثمن بناء على أحد القولين، فيما لو باع ماله ومال غيره، وصححنا البيع في ماله وخيرناه فإنه إذا أجاز يجيز بجميع الثمن، والله أعلم.
قال الغزالي: الثَّانِي أَن يَحْذَرَ مِنَ الرِّبَا فلَوْ بَاعَ الحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا بِحِنْطَةٍ فَهِيَ المُحَاقَلَةُ (3) (م) المَنْهِيُّ عَنْهَا وَهِيَ رِباً إِذْ لاَ يُمْكِنُ الكَيْلُ فِي السَّنَابِلِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الرُّطَبَ بِالتَّمْرِ أَيْضًا فَهِيَ المُزَابَنَةُ المَنْهِي عَنْهَا.
قال الرَّافِعِيُّ: "نَهَى رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالمُزَابَنَةِ". (2)
فالمُحَاقَلَةُ هي بيع الحِنْطَة في سُنْبلها بالحِنْطَة الصَّافية على وجه الأرض.
والمُزَابَنَة: هي بَيْع الرطب على رأس النَّخْل بالتَّمْر على وجه الأرض.
روي عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَة".