قال الغزالي: وَأَمَّا ما يَقْبَلُ الوَصْفَ لَكِنْ يُفْضِي الإِطْنَابُ فِيهِ إلَى عِزَّةِ الوُجُودِ كَالَّلآلئِ الكِبَارِ، وَاليَوَاقِيتِ، وَالجَارِيَةِ الحَسْنَاءِ مَعَ وَلَدِهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعِزُّ وُجُودُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِب عُسْراً في التَّسْلِيمِ فَلاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ.
قال الرَّافِعِيُّ: قد سبق أن السَّلم فيما يندر وجوده لا يجوز؛ لأنه عقد غرر فلا يحتمل إلاَّ فيما يوثق بتسليمه، ثم الشَّيء قد يكون نادر الوُجُود من حيث جنسه كلحم الصَّيْد في موضع العِزّة وقد لا يكون كذلك؛ إلاَّ أنه بحيث إذا ذكرت أوْصافه التي بيّنا أنه يجب التَّعرض لها عز وجوده لندرة اجْتماعها، وفي هذا القسم صورتان:
إحْدَاهما: لا يجوز السَّلَم في الَّلالِئ الكِبار واليَوَاقِيت والزَّبَرْجَد والمُرْجَان؛ لأنه لا بد فيها من التَّعرض لِلْحَجْم والشَّكْل والوَزْن والصّفَاء؛ لعظم تَفَاوت القيمة باخْتِلاَف هذه الأوصاف، واجتماع المَذْكُور فيها نادر، ويجوز في الَّلآلِئ الصّغَار إذا عم وجودها كَيْلاً ووزناً (1).
وبم يضبط النَّوعين قال قائلون: ما يطلب لِلتَّدَاوي فهو صغير، وما يطلب للتَّزَيُّن فهو كبير.
وعن الشَّيْخ أبي محمد أن ما وزنه سدس دينار يجوز السَّلم فيه، وإنْ كان يطلب منه التَّزين لعموم وجوده، والوجه أن يكون اعتبار السُّدس بالتقريب.
الثانية: لو أَسْلَم في جارية وولدها، أو جارية وأختها، أو عَمَّتها، أو شاة وسَخْلَتِها لم يَجُز؛ لأن اجتماع الجَارِيَة المَوْصُوفة بالصِّفَات المشروطة نادر، هكذا أطلقه الشافعي -رضي الله عنه-، وعامة الأصحاب -رضي الله عنهم- (2).
وفصّل الإمام فقال: لا يمتنع ذلك في الزِّنْجيّة التي لا تكثر صفاتها، ويمتنع في السّرِيّة التي تكثر صفاتها، إلى هذا التَّفْصيل أشار في الكتاب بقوله: (والجَارِية الحسناء)، وهذا مفرع على أن الصفات التي يجب التعرض لها تختلف باختلاف الجَواري، ولم تفصل الآية القول فيه كما ستعرفه إن شاء الله تعالى لكن في موضع السَّلَم إشكال على الإطلاق؛ لأنهم حكوا عن نصه: أنه لو شرط كون العَبْد كاتباً أَوْ