المَرْهُونِ إِذْ يَسْرِي إِلَيْهِ حَقُّ الرَّهْنِ حَتَّى لاَ يَنْفَذَ إبْرَاءُ الرَّهْنِ اسْتِقْلاَلاً وَلاَ إبْراءُ المُرْتَهِنِ إِذْ لاَ دَيْنَ لَهُ، وَلاَ يَسْرِي إلَى الكَسْبِ وَالعُقْرِ (ح) وَالزِّيَادَاتِ العَينية (ح) كَالَّلبَنِ وَالوَلَدِ (ح) وَالصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ (ح)، فَإِنْ كَانَ الوَلَدُ مُجْتنًا حَالَةَ البَيْعِ وَالعَقْدُ كَانَ تَابِعاً، وإِنْ كَانَ مُجتَناً في إحْدَى الحَالَتَيْنِ فَفِي تَبَعِيَّتهِ خِلاَفٌ.
قال الرَّافِعِيُّ: مقصود هذه البقية بيان ما يتعلّق به حق الوثيقة، وتثبت فيه أحكامها ولا شك في تعلّقه بِعَيْنِ الرَّهْن، والكلام وراءها في بدل الرَّهْن وزوائد المرهون.
الفصل الأول: في بدله، ومهما جنى على المرهون، وأخذ من الجاني الأرْش انتقل حق الرَّهْن إليه كما ينتقل المِلْك لقيامه مقام الأصل، ويجعل في يد مَنْ كان الأصل في يده مِنَ المُرْتَهن أو العَدْل، وإلى أن يؤخذ هل يقال بأنه مرهون؟
قال قائلون: لا؛ لأنه دين والدُّيون لا تكون مرهونة، فإذا تعيّن صار مرهوناً، والحالة المتخلّلة كتخمُّر العَصِير وتخلّله بعده، وقال آخرون: هو مرهون كما كان؛ لأنه مال بخلاف الخمر، ومنعوا خروجه عن كونه مرهوناً بخروجه عن كونه عَنباً، وإنما المُسَلَّم أنه لا يرهن الدَّين ابتداء (1)، والخَصْم في بدل المرهون إنما هو الراهن؛ لأنه المالك كما لو جنى على العبد المستأجر أو المودع يكون الخَصْم فيها المالك، فلو قعد عن الخُصُومة فقولان في أن المرتهن هل يخاصم؟
قال في "التهذيب" أصحهما عند الأصحاب، وبه قال القفال: أنه لا يخاصم (2) قال: ورأيت بخطّ شيخي أنَّ للمرتهن أنْ يدعي ويخاصم فيه، وكذلك المستأجر إذا دعى العَيْن، وقال لمن في يده: إنها ملك فلان أجرها منى، وإنما لا يدعي المُسْتأجر القيمة؛ لأن حقه لا يتعلّق بها، قال وهو القياس: وإذا خاصم الراهن فللمرتهن أنْ يحضر خصومته، لتعلّق حقه بما يأخذه، ثم إنْ أقر به الجَانِي أو أقام الرَّاهن البَيّنة، أو حلف بعد نُكُول المُدّعي عليه ثبتت الجناية، وإنْ نكل الراهن فهل يحلف المرتهن؟
فيه قولان، كما إذا نكل المُفْلس هل يحلف الغُرَمَاء؟
وإذا ثبتت الجِنَاية فإنْ كانت عمداً فلِلرَّاهن أن يقبض، ويبطل حقّ المبرتهن، وإنْ عَفَا عن القِصَاص مطلقاً ثبت المال، إن قلنا: مطلق العفو يوجب المال، وإلاَّ لم يجب وهو الأصح، هكذا قاله صاحب "التَّهذيب"، وإن عفا على أنْ لا مال.
فإن قلنا: إنّ موجب العمد أحد الأمرين لم يصح عفوه عن المال.