الوثيقة، وإنْ كان مرهوناَ بأكثرهما نقل من القاتل قدر قيمة القتيل إلى الدَّيْن الآخر، وحيث قلنا بنقل التوثيق فيباع ويقام ثمنه مقام القتيل أَوْ مقام عينه مقامه، فيه الوجهان السابقان.
وقوله في الكتاب: (وله بيعه وجعل ثمنه رهنًا بالدين الآخر) يوافق أظهر الوجهين منهما.
وقوله: (بدين يخالف هذا الدين) قد يبحث عنه فيقال: ظاهره يقتضي تأثير اختلاف الدينين في الجنس كالاختلاف في القدر، أو في الحلول والتأجيل، وكذلك يقتضي تأثير اختلافهما في الاسْتقرار وعدم الاستقرار، كما إذا كان أحدهما عوض ما يتوقع رده بالعيب، أو صداقاً قبل الدخول، فهل الأمر كذلك أم لا؟
الجواب: أما الأول فإن صاحب الكتاب صرح في "الوسيط" بتأثير اختلاف الجنس، وهو متجه في المعنى، لكن الشَّافعي -رضي الله عنه- نص على خلاف، وبه قال الأصحاب على طبقاتهم، وأما الثاني فإنْ كان القاتل مرهونًا بالدين المستقر فلا معنى لنقل الوثيقة، وإن كان مرهوناً بالآخر ففي "الشامل" أن أبا إسحاق حكى فيه وجهين، والأكثرون لم يعتبروا سوى ما قدمناه من وجوه الاختلاف (1) والله أعلم.
فرع: لو تساوى الدَّيْنَان في الأوصاف، وحكمنا بأنَّ الوثيقة لا تنقل قال المُرْتَهن: إني لا آمنه وقد جنى فبيعوه وضعوا ثمنه مكانه، هل يجاب إليه؟
روى الإمام فيه وجهين:
فرع: لو جنى على مُكَاتب السيد، ثم انتقل الحَقّ إليه بموته، أو عجزه فهو كما لو انتقل من المورث وقد مر.
قال الغزالي: وَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ أَيْضاً بِقَضَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ، فَإِنْ قَضَى بَعْضَهُ بَقِيَ كُلُّ المَرْهُونِ مَرْهُونًا بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا رَهَنَ عَبْدَيْنِ وَسَلَّمِ أَحَدَهُمَا كَانَ مَرْهُونًا بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ (ح)، وَكَذَا لَوْ تَلَفَ أَحَدُهُمَا، إِلاَّ أَنْ يَتَعَدَّدَ العَقْدُ وَالصَّفْقَةُ أَوْ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ أَو المُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فَيَنْفَصِل أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ وَلاَ يُنْظَرُ إِلَى تَعَدُّدِ الوَكيلِ وَاتِّحَادِهِ، وَفِي النَّظَرِ إِلَى تَعَدُّدِ المُلْكِ فِي المَرْهُونِ المُسْتَعَارِ مِنْ شَخْصَيْنِ خِلاَفٌ مَهْمَا قَصَدَ بِقَضَائِهِ فَكَّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ فَقَضَى أَحَدُ ابْنَيْهِ نِصْفَ الدَّيْنِ لَمْ يَنْفَكَّ (و) نَصِيبُهُ،