يَمْسَحُ الجَبِيرَةَ بِالتُّرَابِ عَلَى الأَصَحِّ لِأَنَّ التُّرَابَ ضَعِيفٌ، وَفِي تَقْدِيمِ الغُسْلِ عَلَى التَّيَمُّمِ ثَلاثَةُ أَوْجُهِ: الأَعْدَلُ هُوَ الثَّالِثُ، وَهُوَ أنَّهُ لاَ يَنْتَقِلُ عن عُضْوٍ مَا لَمْ يَتِمَّ تَطْهِيرُ ذَلِكَ العُضْوِ، فَلَوْ كَانَتِ الجِرَاحَةُ عَلَى يَدِهِ تَيَمَّمَ قبْلَ مَسْحِ الرَّأْسِ.
قال الرافعي: لو جعل المرض سبباً واحداً من أسباب العَجْزِ ثم قسمه إلى ما لا يحوج إلى إلقاء الجَبِيرَةِ ولا لصوق عليه، وإلى ما يحوج إليه وحذف السَّبب السَّادس والسَّابع لكان أحسن وأولى، فإن الانخلاع والجراحة نوعان خاصان من العِلَلِ والأمراض، ولو عددنا كل مرض سبباً على حده لطال الأمر وكثرت الأسباب.
فإن قلت: اسم المرض لا يقع على انْخِلاَعِ العُضْوِ والجراحة.
قلنا: نحن لا نعني بالمرض سوى العلّة العارضة التي يخاف معها من استعمال الماء على أن ابن عباس -رضي الله عنه- فسر المريض بالجريح كما تقدم، فدلّ على أن اسم المرض يقع على الجراحة، ثم الكسر والانخلاع له حالتان:
إحداهما: أن يحوج إلى إلقاء الجَبَائِرِ على موضعه وهي الألواح التي تهيأ لذلك.
والئانية: أن لا يحوج إليه، والمعتبر في حاجة الإلقاء أن يخاف شيئاً من المضار السابقة لو لم يلقها عليه.
الحالة الأولى: أن يحتاج إلى إلقائها عليه، والغالب في مثلها أن يكون ذلك المَوْضِع بحيث لا يخاف من إيصَالِ الماء إليه، وإنما يقصد بإلقائها الانْجِبَارُ، فإذا ألقاها على موضع فلا يخلو إما أن يقدر على نزعها عند الطّهارة من غير أنَ يخاف شيئاً من المَضَارِّ السابقة، أو لا يقدر عليه، فإن لم يقدر لم يكلف النزع، ويراعي في الطَّهارة أموراً:
أحدها: غسل الصّحيح، وفي وجوبه عليه طريقان:
أحدهما: أن فيه قولين، في قول: يجب، وفي قول: لا، بل يكفيه التيمم، وهما عند أصحاب هذا الطريق مخرجان من القولين فيما إذا وجد من الماء ما يكفي لبعض الأعضاء، هل يقتصر على التيمم أم يستعمله مع التَّيمم؟ ووجه الشبه أنه في الصُّورتين تمكن من غسل بعض الأعضاء دون بعض، وغسل البعض لا يكفي مطهراً، والتَّيمم يكفي مطهراً.
والطَّريق الثَّاني -وهو الأصح-: القَطْع بوجوب غسل الصحيح، لأن اعتلال بعض الأعضاء لا يزيد على فقدانه، ولو كان مقطوع بعض الأطراف لم يسقط عنه غسل الباقي فهنا أولى بخلاف ما إذا وجد بعض الماء، فإنَّ الخلل ثم في الآلة التي تتأدَّى بها