المسح، وليس هذا موضع ذكره، وإذا فرعنا على أنه يتيمَّم، فلو كانت العلَّة على محلّ التيمم، أمر التراب على موضعها، فإنه لا ضرر، ولا خوف في إمرار التراب عليه، بخلاف إمرار الماء، وكذا لو كانت للجراحة أفواه مفتحة، وأمكن إمرار التُّراب عليها لزم؛ لأنها صارت ظاهرة (1) فهذا شرح هذا الفصل.
وينبغي أن يعلم قوله: "ثم يتيمَّم مع الغسل، والمسح" بالحاء، لأن أبا حنيفة -رحمه الله- لا يقول بوجوب الغسل على الإطلاق، ولا بوجوب التيمم على الإطلاق، بل قال: إن كان أكثر بدنه صحيحاً اقتصر على غسل الصحيح، وإن كان الأكثر جريحاً اقتصر على التيمم.
قال الغزالي: (السَّابعُ) الجِرَاحَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا لُصُوقٌ فَلاَ يَمْسَحُ عَلَى مَحَلِّ الجُرْحَ وَإِنْ كَانَ فَهِيَ كَالجَبِيرَةِ، وَفِي لُزُومِ إلْقَاءِ اللُّصُوقِ عَنْدَ إمْكَانِهِ تَرَدُّدٌ كَالتَّرَدُّد في لُزُومِ لُبْس الخُفِّ عَلَى مَنْ وَجَدَ مِنَ المَاءِ مَا يَكْفِيهِ لَوْ مَسَحَ عَلَى الخُفِّ.
قال الرافعي: الجراحة قد تحتاج في معالجتها إلى إلصاق لصوق بها من خِرْقة، وقطنة، ونحوهما، كما يحتاج في معالجته الانْخِلاَعَ والانْكِسَارَ إلى إلقاء الجَبَائِرِ، وحكم الجراحة وما عليها من اللُّصُوقِ حكم الانكسار، وما على موضعه من الجبائر فيعود فيه جميع ما سبق، وإذا لم يكن على الجِرَاحَةِ لصوق فلا يجب المسع على محل الجرح كما ذكرنا في الانكسار إذا لم يكن عليه جبيرة، وهل يجب إلقاء اللُّصُوق عليه عند إمكانه، وكذا إلقاء الجَبِيْرَة؟ فيه وجهان:
قال الشيخ أبو محمد: يجب؛ لأنه لو ألقى الحائل لمسح عليه بدلاً عن الغسل، فليتسبب إليه تكميلاً للطَّهارة بقدر الإمكان، واستبعد إمام الحرمين ذلك، وقال: إنه لا نظير له في الرُّخَصِ، وليس للقياس مجال فيها، ولو اتَّبَعَ القياس لكان أقرب شيء أن يمسح على محل الجرح عند الإمكان، فإذا لم يَجِبْ ذلك فهذا أولى.
قال: ولم أر القول بالوجوب لأحد من الأصحاب، ثم رتَّب عليه ما إذا كان الشَّخص على طهارة كاملة، وقد أرهقه حدث، ووجد من الماء ما يكفي لوجهه ويديه ورأسه، ويقصر عن رجليه، ولو لبس الخُف لأمكنه أن يمسح على خفيه، فهل يجب عليه أن يلبس الخف، ثم يمسح بعد الحدث عليه؟ قال: قياس ما ذكره شيخي إيجاب ذلك، وهو بعيد عندي والله أعلم.