والثاني: له الفسخ؛ لتعذر الوُصولِ إلى الثمَنِ (1).
ولو كان قد ضمن الثَّمنَ ضَامِنٌ، فإن ضمن بإذن المشتري فليس له الرجوع على المُشْتَرِي؛ لأنه ليس بمتبرع على المُشْتَرِي، والوصول من يده كالوصول من يَدِ المُشْتَرِي، وإن ضمن بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَوَجْهَانِ:
في أحدهما: يرجع كما لو تبرع متبرع بالثَّمَن.
وفي الثَّاني: لا؛ لأن الحق قد تقرر في ذِمَّتِهِ، وتوجهت المُطَالَبَةُ عَلَيْهِ، بِخلاف المُتَبَرِّع. ولو أعير من المُشْتَري ما يرهنه بالثَّمَنِ فرهنه فعلى الخِلاَف.
وأما قوله: (ولو انقطع جنسه ومنعنا الاعتياض عن الثمن، فله الفسخ، كما في انقطاع المسلم فيه) فاعلم أن هذه المسألة هي كالغربية في الباب، واذكر سبب إيرادها فيه بعد بيان فقهها.
إنا ذكرنا قولين في جواز الاستبدال عَنِ الثَّمَنِ في الذمة، فإن مَنَعْنَا الاستبدال عنه وانقطع جِنْسُه، كان كانقطاع المُسَلَّمِ فيه وانقطاع المُسَلَّم فيه، أثره ثبوت حَقّ الفَسْخ في أصح القولين، والانفساخ في الثاني، فكذلك هاهنا، وإن جَوَّزْنَا الاعتياض والاستبدال فلا تعذر في استيفاء عوض عنه. قوله: (فله الفسخ) اقتصار منه على ذكر أصَحّ القَوْلَيْنِ. وأما: سبب الأيراد في هذا المَوْضِعِ فأمران:
أحدهما: أنه لما جعل الشرط التعذر بسبب الاِفْلاَسِ، تكلم في التَّعَذُّرِ بِغَيْرِ هَذَا السَّبَبِ، كامتناع المشتري وانقطاع جِنْسِ الثَّمَنِ، وَبيَّنَ حُكْمَ كلِّ قِسْم مِنْهَا.
والثَّاني: أن الأصْحَابُ احتجوا على ثبؤت حقِّ الفَسْخِ بالاِفْلاَسِ بالقِيَاسِ على تعذر تحصيل المُسَلِم فِيهِ بالانقطاع، والجامع أنه أخذ عَوَضِ العَقْدِ، فقيل لهم: لو كان الثمن كالمُسَلَّم فيه، لاقتضى انقطاعه ما يقتضي انقطاع المسلّمِ فِيهِ، فأجابوا بما حكيناه: أنه إن جاز الاستبدال فلا تعذر، وإلا فلا فرق.
الثاني: كون الثَّمَنِ حَالاً، فلا رجوع إذا كان الثَّمَنُ مُؤَجَّلاَ؛ لأنه لاَ مُطَالَبَةَ في الحَالِ.