طَبْعُهَا مِنْ طَبْع الخَشَبِ بخلاف الربيعية فإن فيها رُطْوبَةً وَلُزُوجَةً تقتضي الامتزاج، وهذه الوجه فيما إذَا تناثرت في الماء بنفسها وهو مسألة الكتاب. فلو طرحت فيه قصداً فطريقان:
أحدهما: القطع بسلب الطهورية للاستغناء عنه.
والثاني: طرد الوجوه الثلاثة، والفارق على الوجه الثالث ههنا إنما هو المعنى الثاني لا غير.
الثالث: إذا اختلط بالماء مائع يوافق الماء في الصفات كَمَاءِ وَرْدٍ مُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ وماء الشجر والماء المستعمل ففيه وجهان:
أحدهما: أنه إن كان الخليط أقل من الماء فهو طَهُورٌ وإن كان أكثر أو مثله فلا؛ لأنه تعذر اعتبار الأوصاف فيعدل إلى اعتبار الأجزاء ويجعل الحكم للغالب فإذا استويا أخذنا بالاحتياط.
والثاني: وهو المذكور في الكتاب وهو الأظهر: أنه إن كان الخليط قدراً لو خالف الماء في طَعْم، أو لَوْنِ، أو رَائِحَةٍ لتغير الماء فهو مَسْلُوبُ الطُّهُورِيَّةِ، وإن كان لا يؤثر مع المخالفة فلا، لأن التغير سالب لِلطّهُورِيَّةِ، وهذا الخليط بسبب الموافقة في الأوصاف لا يغير، فيعتبر تغيره لاستفادة ما طلبناه كما يفعل في معرفة الحكومات.
ثم إذا اقتضى الحال بقاء الطهورية إمَّا لِقَّلةِ الخَلِيطِ على الوجه الأول أو لتقاعده عن التغير على الثاني مع تقدير المخالفة، فهل يستعمل (جميعه أم يبقى قدر الخليط؟ وفيه ثلاثة أوجه:
أظهرها: أنه يستعمل (1) الجميع لاستهلاك الخليط فيه وانطلاق اسم الماء عليه.
والثاني: أنه يبقى قدر الخليط وإلا كان مستعملاً لغير الماء يقيناً وصار كما لَوْ حَلَفَ أن لا يأكل تَمْرَةً وخلطها بتمر كثير لا يَحْنَثُ ما بقيت تمرة وإن استوعب الكل حنث، وأطبقوا على ضعف هذا الوجه.
والثالث: إن كان الماء وحده يكفي لواجب الطهارة فله استعمال الجميع وإلا فلا.
فإن قلنا: يجوز استعمال الجميع ومعه من الماء ما لا يكفيه وحده ولو كمله بما يستهلك فيه لكفاه لزمه ذلك.