ومنهما: حجر المبذر وحجر المفلس، وقد بينا حكم إقرارهما في بابيهما.
ويقبل إقرار المفلس المحجور عليه في النكاح، دون السفيه المحجور اعتبارًا للإقرار بالإنشاء.
قال الإِمام رحمه الله تعالى: وإقرار السفيهة بأنها منكوحة فلان، كإقرار الرشيدة، إذ لا أثر للسفه في النكاح من جانب المرأة. قال: وفيه احتمال من جهة ضعف قولها، وخبل عقلها، والعلم عند الله تعالى عز اسمه.
قال الغزالي: وَالرَّقِيقُ وَإِقْرَارُهُ مَقْبُولٌ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهِ عُقَوَبةَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقةِ مَالٍ وَوَجَبَ عَلَيْهِ القَطْعُ فَفي قَبُولهِ في وُجُوبِ المَالِ قَوُلاَنِ، وَلَوْ أَقَرَّ بإِتْلاَفِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ بَل يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ العِتْقِ، وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَاَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةِ قَبْلُ وَأَدَّى مِنْ كَسْبِهِ، وَلَو لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى مُعَامَلَةٍ بَلْ أَطْلقَ فَفِي القَبُولِ خِلاَفٌ، وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الحَجْرِ بِدَيْنٍ أَسْنَدَهُ اِلَى حَالَ الإذْنِ فَالظَّاهِرُ رَدُّهُ لأَنَّهُ في الحَالِ عَاجِزٌ عَنْ إِنْشَائِهِ.
قال الرافعي: أحد المحجورين الرقيق، وإذا أقر إما أن يقر بما يوجب عليه عقوبة، أو بغيره.
أما القسم الأول: كالإقرار بالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، والقذف، وما يوجب القصاص في النفس، والطرف، فذلك مقبول، ويقام عليه موجب ما أقر به، خلافاً لِأَحْمَدَ وَالمُزَنِيِّ حيث قالا: لا يقبل إقراره على نفسه بالعقوبات؛ لأنه ملك السيد، والإقرار في ملك الغير لا يقبل.
ويروى عن أَحْمَدَ: أنه لا يقبل إقراره بما يوجب القتل، ويقبل بما يوجب سائر العقوبات.
لنا ما روي أَنَّ عَلِيًّا -رضي الله عنه- قطع عبداً بإقراره (1)، وأيضاً فإنه لو ظهر الحال بالبينة لأقيمت عليه العقوبات، فإذا ظهر بالإقرار كان أولى؛ لأنه أبعد عن التهمة، فإن كل نفس مجبولة على حب الحياة، والاحتراز عن الآلام.
وإذا أقر بسرقة مال توجب القطع قُبِلَ في القطع وفي قبوله في المال قولان إذا كان المقر بسرقته تالفًا:
أحدهما: أنه يقبل ويتعلق الضمان برقبته؛ لأن إقراره لما تضمن عقوبة القطع انقطعت التهمة عنه.