رأيناه في جرة لا يكون مقرًا إلاَّ بغصب الزيت، ولو قال: عندي غمد فيه سيف، أو جرة فيها زيت، أو جراب فيه تمر وسفينة فيها طعام فهو إقرار بالظرف دون المظروف، وعلى هذا القياس، وإذا قال: فرس في إصْطَبْلٍ، أو حمار على ظهره إكاف أو دابة عليها سَرْجٌ أو زِمام، أو عبد على رأسه عِمَامَةٌ أو في وسطه مِنْطَقَةٌ أو في رجليه خُفٌ فلا يكون مقرًا إلاَّ بالدابة والعبد.
وعند أبي حنيفة الإقرار بالمظروف في الظَّرْفِ يكون إقرارًا بهما إذا كان مما يحرز في الظرف غالبًا كالزيت في الجرة والتمر في الجراب دون الفرس في الإصطبل (1).
وقال صاحب "التلخيص": إذا قال: عبد على رأسه عمامة أو عليه قميص أو في رجله خف، فهو إقرار مع العبدِ، لأن العبد له يد على مَلْبُوسِهِ، وما في يد العبد فهو في يد سيده، فإذا أقر بالعبد للغير كان ما في يده لذلك الغير، بخلاف المنسوب إلى الفرس. وعامة الأصحاب على أنه لا فرق بينهما، وذكر الإمام رحمه الله أنه قال ذلك في "التلخيص".
وفي "المفتاح" أجاب بما يوافق قول الجمهور، وهو وهم، بل جوابه في "المفتاح" كجوابه في "التلخيص". ولو قال: عندي دابة مُسْرَجَةٌ، أو دار مفروشة لم يكن مقرًا بالسرج، ولا الفرش، بخلاف ما لو قال: سرجها وفرشها، وبخلاف ما لو قال: ثوب مطرز؛ لأن الطِّرَاز جزء من الثوب ومنهم من قال: إن ركب عليه بعد النسج، فهو على وجهين، نذكرهما في أخوات المسألة، ولو قال: فَصٌّ في خاتم، فهو إقرار بالفَصّ دون الخاتم، ولو قال: خاتم فيه فص، ففي كونه مقرًا بالفص وجهان.
أصحهما: ما ذكره في "التهذيب": أنه ليس بمقر لجواز أن يريد فَصّ لي، فصار كالصورة السابقة.
والثاني: أنه يكون مقرًا بالفَصِّ، لأن الفص من الخاتم، حتى لو باعه دخل فيه، بخلاف تلك الصورة، ولو اقتصر على قوله: عندي خاتم، ثم قال بعد ذلك: ما أردت الفص، فقد ذكر صاحب الكتاب فيه وجهين.
أحدهما: أنه يقبل منه؛ لأن اسم الخاتم يطلق مع نزع الفص.
وأصحهما: الذي ينبغي أن يقطع به أنه لا يقبل؛ لأن الفص متناول باسم الخاتم، فهو رجوع عن بعض المقربة، ولو قال: حمل في بطن جارية لم يكن مقَّرًا بالجارية، وكذا لو قال: نَعلٌ في حَافِرِ دابة، وعُرْوَةٌ على قُمْقُمَةٍ.