المشهور الفرق بمثله، لو قال: له في هذه الدار نصفها، فهو إقرار، وإن قال: له في داري نصفها، فهو وعد هبة.
حكاه الشيخ أَبُو عَلِيّ عن النص أيضًا، واشتهر عن نصه أنه لو قال: له في مالي ألف درهم كان إقرارًا، ولو قال: من مالي كان وعد هبة، لا إقرارًا، وهذا الموضع البحث فيه من وجهين:
أحدهما: أن هذا النص في قوله: في مالي يخالف ما نقلناه في قوله: في ميراثي، وفي داري، فما حال هذه النصوص؟.
والثاني: أنه لما فرق بين "في" و"من"؟ وهل المذهب الظاهر ما نص عليه أم الأول؟ فللأصحاب طريقان، فيما إذا قال: في مالي ألف درهم.
منهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: أنه وعد هبة، لإِضافة المال إلى نفسه.
والثاني: أنه إقرار؛ لأن قوله له يقتضي الملك وبوعد الهبة لا يحصل الملك.
ومنهم من قطع بأنه وعد هبة، وحمل ما روي عن النص الأخير على خطأ النساخ، وربما تأوله على ما إذا أتى بصيغة التزام، فقال: عليَّ في مالي ألف درهم، فإنه يكون إقرارًا على ما سيأتي، وإذا أثبتنا الخلاف فعن الشيخ أَبِي علي أنه يطرد فيما إذا قال: في داري نصفها، وامتنع من طرده فيما إذا قال: في ميراثي من أبي.
وعن صاحب "التقريب" وغيره أنه يلزمه تخريجه فيه بطريق الأولى؛ لأن قوله: في ميراثي من أبي أولى بأن يجعل إقرارًا من قوله: في مالي، أو في داري، لأن التركة مملوكة للورثة، مع تعلق الدَّين بها، فيحسن إضافة الميراث إلى نفسه مع الإقرار بالدَّين، بخلاف المال والدار.
وأما الثاني، فمنهم من قال: لا فرق، ولم يثبت هذا النص أو أوله، ومنهم مَنْ فرق بأن في تقتضي كون مال المقر ظرفًا لمال المقر له، وقوله: "من مالي" يقتضي الفَصْل والتبعيض، وهو ظاهر في الوعد بأنه يقطع شيئًا من ماله فإذا فرقنا بينهما لزمه مثله في الميراث، والدار لا محالة، والظاهر أنه لا فرق بينهما وأن الحكم في قوله: "في مالي" كما ذكرنا - أولاً في ميراثي.
وليستبعد الإمام -رحمه الله- أن تخريج الخلاف فيما إذا قال: له في داري نصفها؛ لأنه إذا أضاف الكل إلى نفسه لم ينتظم الإقرار ببعضه، كما لا ينتظم منه الإقرار بكله بأن يقول: داري لفلان، وتخصص طريقة الخلاف بما إذا لم يكن المقر به جزءًا من مسمى ما أضافه إلى نفسه، كقوله: في مالي ألف درهم، أو في داري ألف، ولا