قال الرافعي: صحته من المطلقان، كما إذا قال: هذه الدار لفلان، إِلاَّ هذا البيت، وهذا القميص إلاَّ كميه، وهذه الدراهم إِلاَّ هذا الواحد، وهذا القطيع إلاَّ هذه الشاة أو هذا الخاتم إلا هذا الفص ونظائره.
وفيه وجه: أنه لا يصح؛ لأن الاستثناء المعتاد هو الاستثناء من الأعداد المطلقة.
وأما المعينات، فالاستثناء فيها غير معهود، ولأنه إذا أقر بالمعين، كان ناصًّا على ثبوت الملك فيها، فيكون الاستثناء بعده رجوعًا، والأول ظاهر المذهب، وقد نص عليه في بعض الصور المذكورة، واقتصر في الكتاب هاهنا على ما هو الظاهر، لكنه قال في "الطلاق" لو قال: أربعتكن طوالق إلا فلانة (1) لم يصح هذا الاستثناء عند القاضي الحُسَيْنِ، كما لو قال: هؤلاء الأعبد الأربعة لفلان إلاَّ هذا الواحد لم يصح؛ لأن الاستثناء المعين لا يعتاد، وأجاب بعدم الصحة من غير ذكر الخلاف، والكلام في مسألة الطلاق يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى، ولو قال: هؤلاء العبيد لفلان إلا واحداً، فالمستثنى منه معين، والمستثنى غير معين، وهو الصحيح إذا جوزنا الاستثناء من المعين، والرجوع إليه في غير المعين، فإن ماتوا إلاَّ واحداً فقال هو الذي أردته بالاسشاء قُبِلَ قوله مع يمينه؛ لأنه محتمل.
وفيه وجه: أنه لا يقبل بالتهمة، وندرة مثل هذا الاتفاق، وهو ضعيف بإجماع من نقله.
وقوله في الكتاب قبل: "وقيل: فيه قولان" يقتضي أولاً أن يكون الخلاف قولاً.
وثانيًا إثبات طريقين: طريقة جازمة، وطريقة خلافية، وفيهما نظر من جهة النقل.
ولو قال: غصبتهم إِلاَّ واحداً فماتوا إلاَّ واحداً، فقال: هو المستثنى قُبِلَ، بلا خلاف؛ لأن أثر الإقرار ينفي في الضمان، وكذا لو قتلوا في الصورة الأولى إلاَّ واحداً؛ لأن حقه يثبت في القيمة، فلو قال: هذه الدار لفلان، وهذا البيت منها لي، أو هذا الخاتم لفلان، وفَصُّهُ لي قُبلَ؛ لأنه إخراج بعض ما يتناوله اللفظ، فكان كالاستثناء والله اعلم وقد فرغنا من شرح أَبواب الكتاب، سوى الأخير، ونذكر قبل الشروع فيه مسائل وفروع بقيت علينا مما يورد تعددًا في الإقرار، وإن كان بعضها أجنبيًا عنه.
منها: جارية في يد إنسان جاء غيره، وقال له: بعتك هذه الجارية بكذا أو سلمتها إليك، فأدِّ الثمن، وقال من في يده: بل زوجتنيها على صداق كذا، وهو علىَّ فإما أن يجري هذا التنازع، وصاحب اليد لم يولده، أو يجري بعد أن أولدها.