جراحة عليها دم، وخاف من غسله التَّلف، صلى وأعاد، وإن كانت على أعضاء الوضوء تيمم، وصلى وأعاد، فإن هذا الخَلَلَ ليس له بدل، والعذر نادر غير دائم.
وفي القديم: قول أنه لا يعيد، وبه قال أبو حنيفة، والمزني، وكذلك الخلاف فيما إذا كان محبوساً في مكان نجس، وصلى على النجاسة، هل يعيد أم لا؟ والقول القديم مطرد في كل صلاة، وجبت في الوقت، وإن كانت مختلة وهو اختيار المزني.
والضرب الثاني أن يكون مع الخلل الحاصل بدل مشروع يعدل إليه، ففي وجوب القضاء خلاف نفصله في صور هذا القسم. منها المقيم إذا تيمّم لعدم الماء فصلى (1)، فظاهر المذهب أنه يجب عليه القضاء؛ لأن عدم الماء في موضع الإقامة (2) نادر، وإذا اتفق لا يدوم غالباً، فإن أهل ذلك الموضع يتبادرون إلى الإصلاح، والإثباط، فلا يصلح عذراً دافعاً لِلْقَضَاء، والبدل المعدول إليه يقام مقام الأصل في جواز الإتيان بالصلاة، حتى لا يخلو الوَقْت عن وظيفته.
وفي القديم، وهو اختيار المزني، أنه لا إعادة عليه؛ لأنه بالمقدور. عليه.
واعلم أن وجوب القضاء على المقيم إذا قلنا: بظاهر المذهب ليس لعلة الإقامة، بل لأن فقد الماء في موضع الإقامة نادر، وكذلك عدم الوجوب في السفر ليس لأنه مسافر، بل لأن الفقد في السفر مما يعم، ويغلب حتى لو أقام الرجل في مَفَازَةٍ، أو موضع يعدم فيه الماء غالباً، وطالت إقامته فيه يتيمَّم، ويصلّي، ولا يعيد.
وفي مثله قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر، وكان يقيم بالرَّبَذَةِ (3)، ويفقد الماء أياماً: فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (4) فقال: التُّرَابُ كَافِيكَ وَلَوْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ حِجَجٍ" (5).
ولو دخل المسافر في طريقه بلد، أو قرية، وعدم الماء، وتيمم، وصلى أعاد على أظهر الوجهين، فإن كان حكم السفر باقياً، نظر إلى ندرة العدم في ذلك الموضع، وإذا عرفت ذلك فقول الأصحاب: المقيم يقضي، والمسافر لا يقضي، جار على الغالب من حال السَّفر، والإقامة، والحقيقة وما بينا. ومنها: التَّيمم لإلقاء الجبِيْرَة، وجملته أنه إذا كان به عذر يمنع من استعمال الماء في بعض محل الطهارة دون بعض فغسل المقدور عليه، وتيمّم وصلّى، هل يجزئه ذلك أم يلزمه القضاء عند زوال العذر؟ ننظر إن لم يكن على محل العذر ساتر من جبيرة، أو لصوق فيجزئه، ولا قضاء عليه؛ لأنه لو وجد