هكذا حكى الإمام الاعتراض عن القاضي لكن قد مر في باب السَّلم أن القماقم ونحوها لا يجوز السَّلم فيها لاختلافها، وإنما الجواز في الأسطال المريعة، والظروف المضروبة من القوالب، فإن كان الالتزام بمثلها، فلا يبعد ممن صار إلى العبارات الثلاثة طردها فيها والحكم بأنها مثلية.
والرابعة: نقل بعض شارحي "المفتاح" أن المثليات هي التي تنقسم بين الشريكي من غير حاجة إلى تقويم، ولك أن تقول: هذا مشكل بالأرض المتساوية الأجزاء، فإنها تنقسم من غير تقويم، وليست هي بمثلية.
الخامسة: قال العراقيون: المثلى مالاً تختلف أجزاء النوع الواحد منه في القيمة، وربما يقال في الجِرْم والقيمة، ويقرب منه قول من قال: المثليات هي التي تتشاكل في الخلقة، ومعظم المنافع وما اختاره الإمام هو تساوي الأجزاء في المنفعة والقيمة، فزاد النظر إلى المنفعة، وعلى ذلك جرى صاحب الكتاب، وزاد قوله: "من حيث الذات، لا من حيث الصنعة" وقصد به الاحتراز من الملاعق والمغارف وصنجات الميزان المتساوية، فإن تساويهما جاء من حفظ التشابه في الصنعة، وإلاَّ فالمصنوعات مختلفة في الغالب، ولك أن تقول: الملعقة ونحوها لو وردت على الضابط المذكور، إما ترد لتماثل أجزائها، وهي ملعقة، أو لتماثل جوهرها فقط.
والأول: باطل؛ لأن أجزاء الملعقة غير متماثلة في الصنعة.
وأما الثاني: فالصفر الذي هو جوهر الملعقة إذا كان مثليًا كان تماثل أجزائه من حيث الذات، لا من حيث الصنعة وإذا لم تؤثر الصنعة في تماثل الأجزاء، فكيف يقال: أجزاؤه من حيث الذات، لا من حيث الصنعة، والحق أن أثر الصنعة في تماثل الأعداد، وأوضاع أجزائها لا غير.
وإذا وقفت على هذه العبارات، وبحثت عن الأظهر منها، فاعلم أن الأولى منقوضة بالمعجونات.
والثالثة: المعتبرة ليجوز بيع البعض بالبعض بعيدة عن اختيار أكنز الأصحاب، فإنهم أعرضوا عن هذا الشرط، وقالوا: امتناع بيع البعض بالبعض من الربويات، لرعاية التماثل في حال الكمال بمعزل عما نحن فيه.
والرابعة: لا حاصل لها.
وأما الخامسة: فإن أريد بالأجزاء فيها كل ما يتركب فيه الشي، فيلزم ألاَّ تكون الحبوب مثلية؛ لأنها تتركب من القشور، والألباب والقشر مع اللباب مثليان في القيمة والمنفعة، وكذا التمر والزبيب لما فيهما من النوى والعجم.
وإن أريد الأجزاء التي يقع عليها اسم الجملة، فيلزم ألا تكون الدراهم والدنانير