فإما أن يختار فيهما النفي، أو الإثبات.
ولو نقل المغصوب المثلي إلى بلد آخر، فتلف هناك، أو أتلفه، ثم ظفر به المالك في بلد ثالث وقلنا: إنه لا يطالب بالمثل في غير موضع التلف، فله أخذ قيمة أكثر البلدين قيمة (1). وأما في المسألة الأولى فهاهنا لا يطالب إلاَّ بالمثل وإذا اختلف الزمان فله المطالبة بالمثل، وإن زادت القيمة وليس له إلاَّ ذلك، وإن نقصت القيمة، والفرق بينه وبين المكان.
إذا قلنا: لا يطالب بالمثل في غير ذلك المكان أن العود إلى المكان الأول يمكن، فجاز انتظاره، ورد الزمان الأول غير ممكن، فقنعنا بصورة المثل، وإن لم يكن ذلك مثلاً حقيقة؛ لأن التساوي في القيمة معتبر في المثلين، وللزمان أثر ظاهر في تفاوتها، لكن يتوجه على هذا أن يقال: نعم رد الزمان الأول غير ممكن، لكن انتظار الزمن الذي تكون القيمة فيه كالقيمة وقت الإتلاف ممكن، فهلا قنع بقيمة يوم الإتلاف، وانتظر المثل إليه، وهذا أكله فيما إذا لم يخرج المثل، باختلاف المكان والزمان عن أن يكون له قيمة ومالية.
أما إذا خرج، كما إذا أتلف عليه الماء في مفازة، ثم اجتمعا على شط نهر، أو بلد أو أتلف عليه الجمد في الصيف، واجتمعا في الشتاء، فليس للمتلف بذل المثل، بل عليه قيمة المثل في مثل تلك المفازة أو في الصيف وإذا غرم القيمة ثم اجتمعا في مثل تلك المفازة، وفي الصيف هل يثبت الترادُّ؟ فيه الوجهان السابقان.
وأما قوله في الكتاب: "والمسلم إليه" إلى آخره، فقد ذكرنا المسألة بما فيها في "السلم" (2).
قال الغزالي: وَلَوْ أَتْلَفَ آنِيَةً مِنْ نُقْرَةٍ يَلْزَمُهُ المِثْلُ، وَمَا زَادَ بِالصَّنْعَةِ يُقَوَّمُ بِغَيْرِ جِنْسِ الأَصْلِ حِذَاراً مِنَ الرِّبَا، وَقِيلَ: لاَ يُبَالِي بِهِ فَإنَّهُ لَيْسَ بَيْعٍ.
قال الرافعي: الذهب والفضة إما أن يكونا مضروبين، فقد ذكرنا أنهما مثليان، أو لا يكونا مضروبين، وكل واحد منهما إمّا أن يكون فيه صنعة كالحلي، أو لا تكون