القسم الثاني والثالث: أن يكونا وارثين، أو المشتري وارثاً فيكون هذا البيع محاباة مع الوارث، وهي مردودة، فإن لم نفرق الصفقة بطل البيع في الكل، فإن فرقناها قلنا في القسم الأول والتصوير ما سبق أن البيع يصح في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمين، فهاهنا في مثل تلك الصورة يصح البيع في نصفه بجميع الثمن.
وإن قلنا: هناك يصبح في ثلثيه بثلثي الثمن فهاهنا يبطل البيع في الكل هكذا ذكره القَفَّالُ وغيره، وعلله في "التهذيب" بأن البيع لا يبطل في شيء إلاَّ ويسقط بقدره من الثمن، فما من جزء يصح فيه البيع إلاَّ ويكون بعضه محاباة وهي مردودة، ولك هنا كلامان:
أحدهما: أن المفهوم من هذا التوجيه شيوع المعاوضة والمحاباة في جميع الشقص، وذلك لا يمنع تخصيص قدر المحاباة بالإبطال، ألا تَرَى أنه لم يمنع في القسم الأول تخصيص ما وراء القدر المحتمل من المحاباة والإبطال.
والثاني: أن الوصية للوارث موقوفة على إجازة باقي الورثة على رأي، كما أن الوصية بما زاد على الثلث لا تنفذ من غير إجازة الورثة على رأي، فليفرق هاهنا بين الإجازة، والرد كما في القسم الأول.
والرابع: أن يكون الشفيع وارثاً دون المشترى، فإذا احتمل الثلث المحاباة، أو لم يحتمل، وصححنا البيع في بعض المحاباة في القسم الأول، ومكنا الشفيع من أخذه فهاهنا وجوه:
أحدها: أنه لا يصح البيع كذلك، ولا يأخذه الوارث بالشفعة.
أما صحة البيع فلأن المشتري أجنبي، وأما منع الشفعة فلأنها لو ثبتت أكله المريض بسبب أن ينفع الوارث بالمحاباة؛ لأن الشفعة تستحق بالبيع.
والثاني أنه يصح، ويأخذه (1) بتملك على المشتري، ولا محاباة معه من المريض.
والثالث: أنه لا يصح البيع أصلاً لأنه لو صحَّ لتقابلت فيه أحكام متناقضة؛ لأنا إن لم نثبت الشفعة أضررنا بالشفيع، وإن أثبتناه أوصلنا إليه المحاباة، وهذا ما عناه بقوله: "لتناقض الإثبات والنفي جميعاً".
والرابع: يصح في الجميع، ويأخذ الشفيع ما يوازي الثمن منه، ويبقى الباقي للمشتري مجاناً؛ لأن المحاباة مع الأجنبي دون الوارث، فيجعل كأنه باع الشَّقْص منه، ووهب بعضه فيأخذ المبيع دون الموهوب.