بخلاف المنع من البيع، ولو اقتصر على قوله: قارضتك سنة، فوجهان:
أصحهما: المنع، لأن قضية انتهاء القراض امتناع التصرف بالكلية، ولأن ما يجوز أن فيه الإطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت، كالبيع والنكاح.
والثاني: يجوز، ويحمل على المنع من الشراء باستدامة العقد.
ولو قال: قارضتك سنة على ألاَّ أملك الفسخ قبل انقضائها، فهو فاسد، ولا يجوز أن يعلّق القراض فيقول: إذا جاء رأس الشهر، فقد قارضتك كما لا يجوز تعليق البيع ونحوه. ولو قال: قارضتك الآن ولكن لا تتصرف حتى يجيء رأس الشهر، ففي وجه يجوز كالوِكالَةِ.
والأصح: يمنع كما لو قال: بعتك بشرط ألا تملك إلاَّ بعد شهر.
قال الغزالي: الثَّالِثُ: الرِّبْحُ وَشَرَائِطُهُ أَرْبَعٌ: وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِالعَاقِدَينِ مُشْتَركًا مَعْلُومًا بِالجُزْئيِة لا بالتَّقْدِيِر، وَعَنَيْنَا بالخُصُوصِ أَنَّهُ لَو أُضِيِفَ جُزْءٌ مِنَ الَرِّبْحِ إِلى ثَالِثٍ لَمْ يَجُزْ، وَبِاَلاشِتْراكِ أَنَّهُ لَوْ شُرِط الكُلُّ لِلْعَامِلِ أَوْ لِلمَالِكِ فَهُوَ فَاسِدٌ (م)، وَبِكَوْنِهِ مَعْلُومًا احْتَرَزْنَا ناعَمًا إِذَا قَالَ: لَك مِنَ الرِّبْحِ مَا شَرَطَهُ لِفُلاَنٌ فَإنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ الرِّبْحِ بَيْنَنا وَلَمْ يَقُلْ: نِصْفَيْنِ فالأَظْهَرُ: (و) التَّنْزِيِلُ عَلىَ التَّنْصِيفَ لِيَصِحَّ، واحْتَرزْنَا بِالُجْزئِيَّةِ عَمَّا إِذا قالَ: لَكَ مِنَ الرِّبْح مِائَةٌ أَوْ دِرْهَمٌ أَوْ لي دِرْهِم والبَاقيِ بَيْنَنا فَكُلُّ ذَلِكَ فَاسِدٌ إِذْ رُبَّمَا لا يَكُونُ الرِّبْحُ إلاَّ ذَلِكَ المِقْدَارِ.
قال الرافعي: في الربح شروط:
أحدها: أن يكون مخصوصًا بالمتعاقدين، فلو شرط بعضه لثالث، فقال: على أن يكون ثلثه لك، وثلثه لي، وثلثه لزوجتي، أو لأمي أو لابني أو لأختي أو لأجنبي لم يصح القراض؛ لأنه ليس بعامل، ولا مالك للمال، إلاَّ أن يشترط عليه العمل معه، فيكون قراضًا مع رجلين. ولو كان المشروط له عبدًا، لمالك أو العامل، كان ذلك مضمونًا للمالك، أو العامل على ما تقدم.
ولو قال: نصف الربح لك، ونصفه لي، ومن نصيبي نصفه لزوجتي صح القراض، وهذا وعد منه لزوجته. ولو قال للعامل: لك كذا على أن تعطي ابنك أو امراتك نصفه، فعن القاضي أَبي حَامدٍ إن ذكره شرطًا فسد القراض، وإلا لم يفسد.
الثاني: أن يكون مشتركًا بينهما، فلو قال: قارضتك على أن يكون جميع الربح لك، ففي حكمه وجهان:
أصحهما: أنه قراض فاسد رعاية للفظ.