وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب، وبه قال المُزَنِيُّ أنه لا يصح؛ لأن الربح فائدة رأس المال، فيكون للمالك إلاَّ إذا نسب منه شئ إلى العامل، ولم ينسب إليه شيء. ولو قال: على أن نصف الربح لك، وسكت عن جانب نفسه، فالصحيح الجواز، وما لا ينسب إلى العامل يكون للمالك بحكم الأصل بخلاف الصورة السابقة.
وفي "النهاية" ذكر وجه ضعيف: أنه لا يصح حتى تجري الإضافة في الجزءين إلى الجانبين. وإذا قلنا بالصحيح فلو قال: على أن لك النصف ولي السدس، وسكت عن الباقي صح، وكان الربح بينهما نصفين، كما لو سكت عن ذكر جميع النصف.
قال الغزالي: الرُّكْنُ الخَامِسُ والسَّادِسُ: وَالعَاقِدَانِ وَلاَ يُشْتَرَط فِيِهَما إِلاَّ مَا يُشْتَرَطُ في الوِكَيلِ وَالمُوَكَّل، نَعَمْ لَوْ قارَضَ العَامِلُ غَيْرَهُ بِمِقْدَارِ مَا شَرَطَ لَهُ بإِذْنِ المالِكِ فَفِيهِ وَجْهَانِ لأنَّ وَضْعَ القِرَاضِ أَنْ يَدُوَرَ بَيْنَ عَامِلٍ وَمالِكٍ.
قال الرافعي: صاحب الكتاب رحمة الله قد يعد العاقدين ركنين، كما فعل هاهنا، وفي الوِكَالَةِ، وقد يعد العاقد مطلقًا رُكْنًا واحدًا، كما فعل "البيع" و"الرَّهْن"، والفرض الأصلي لا يختلف، لكنه لو استمر على طريقة واحدة كان أحسن.
وفقه الفصل أن القِراضَ توكيل وتوكّل (1) في شيء خاص وهو التجارة، فيعتبر في العامل والمالك ما يعتبر في الوكيل والموكل، فكما يجوز لولي الطفل التوكيل في أجور الطِّفل، كذلك يجوز لولي (2) الطفل والمجنون أن يقارض على مالها، يستوي فيه الأب والجد ووصيهما، والحاكم وأمينه، وهل يجوز لعامل القراض أن يقارض غيره.
أما بإذن المالك، فقد ذكره هاهنا، وأعاده مرة أخرى في الباب الثاني مع القسم الآخر، وهو أن يقارض بغير إذن المالك، ونحن نشرح المسألة بقسميهاهناك إن شاء الله تعالى.
قال الغزالي: وَلَوْ كَانَ المَالِكُ مَرِيضًا وَشَرَطَ ما يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ المِثْلِ لِلعْامِلِ لَمْ يُحْسَبْ مِن الثُّلث لأنَّ التَّفْوِيَت هُوَ المُقَيَّدُ بِالثُّلثُ وَالرِّبْحُ غَيْرُ حَاصِلٍ، وَفِي نَظِيرِهِ مِنَ المسَاقَاةِ خِلاَفٌ (و)، لأِنَّ النَّخِيلَ قَدْ تُمّر بِنَفْسِهِ فَهُوَ كَالحَاصِلِ، وَلوْ تَعَدَّدَ العَامِلُ واتَحَّدَ المالِكُ أَوْ بِالعَكْسِ فَلا حَرَجَ.