بالقِرَاض لقرينة غرض التجارة. فإن قلنا بالأول بطل الشراء إن اشتراه بعينه، وإلاَّ وقع عن الوكيل، والعبد المأذن له في التجارة إن اشترى من يعتق على سيده بإذن السيد صح، وعتق عليه إن لم يركبه دَيْن، وإن ركبه الديون ففي العتق قولان؛ لأن ما في يده كالمرهون بالديون. وإن اشترى بغير إذنه، فقولان منصوصان:
أحدهما: أنه يصح ويعتق عليه؛ لأن العبد لا يمكنه الشراء لنفسه، وإنما يشتري لسيده، فإذا أطلق الإذن انصرف ما يشتريه إليه مقيداً كان أو غير مقيد، والعامل يمكنه الشراء، لنفسه، كما يمكنه الشراء للمالك، فما لا يقع مقصوداً بالإذن ظاهراً ينصرف إلى العامل.
وأصحهما، وهو اختيار المُزَنِيِّ أنه لا يصح كما في حق العامل؛ لأن السيد إنما أذن في التجارة، وهذا ليس من التجارة في شيء، ورأى الإمام القطع بهذا القول فيما إذا كان الإذن في التجارة، ورد الخلاف إلى ما إذا قال: تصرف في هذا المال، أو اشتر عبداً، وعلى هذا جرى صاحب الكتاب حيث قال: "إن قيل له: اشتر عبداً فهو كالوكيل وإن قيل: اتَّجِرْ فهو كالعامل"، أي هو كالوكيل في أن الخلاف يجد مجالاً ومضطرباً، ولا يمكن حمله على أن الخلاف، كالخلاف فإن الخلاف في المأذون قولان مشهوران، وفي الوكيل إن ثبت وجهان.
وقوله: "فهو كالعامل" يجوز إعلامه -بالواو- لأن الأكثرين أثبتوا القولين مع تصويرهم في الإذن في التجارة، وكذلك حكاه المزني عن نَصِّه في "المختصر"، ويجوز إعلامه -بالحاء- أيضاً لأن المحكى عن أبي حنيفة أنه إن لم يدفع السيد إليه، وإنما أذن له في التجارة صح الشراء، وعتق على السيد وإن دفع إليه مالاً فهو كالعامل، ثم هذا الخلاف فيما إذا لم يركبه دين، فإن ركبه، وقد اشتراه بغير إذن السيد، ترتب الخلاف على الخلاف فيما إذا لم يركبه، وعدم الصحه هاهنا أولى، وإن صح ففي نفوذ العتق الخلاف السابق.
المسألة الثانية: إذا اشترى العامل من يعتق عليه، نظر إن لم يكن في المال ربح صح الشراء، ولم يعتق عليه كالوكيل يشتري قريب نفسه لموكله، ثم إن ارتفعت الأسواق، وظهر ربح بني على القولين في أن العامل متى يملك الربح؟
إن قلنا: يملكه بالقسمة لم يعتق بشئ منه. وإن قلنا بالظهور فأظهر الوجهين، وهو المذكور في الكتاب أنه يعتق عليه قدر حصته من الربح؛ لأنه ملك بعض أبيه.
والثاني: لا يعتق؛ لأن الملك فيه غير تام من حيث إنه وِقَاية لرأس المال مُعَدًّا لهذا الغرض إلى انفصال الأمر بينهما بالمُقَاسمة.