والثاني: حكى أبوُ العبَّاس الروياني طريقة قاطعة بالمنع فيما إذا قال بعتك منفعة هذه الدار، ويجوز أن يعلم للأول قوله في الكتاب: "ويقوم مقامها لفظ التمليك"، ولو قال: ملكلتك أو بعتك هذه الدار لم تنعقد به الإجارة.
قال الغزالي: الرُّكُنُ الثَّاني: الأُجْرَةُ فإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَهِيَ كَالثَّمَنِ حَتَّى يَتَعَجَّلَ (ح م) بِمُطْلَقِ العَقْدِ، وإِنْ كَانَ مُعَيّناً فَهُوَ كَالمَبِيع فَيُرَاعِي شَرَائِطَهُ فَلَوْ أَجَّرَ دَاراً بِعَمارَتها أَوْ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ بِشَرْطِ صَرْفَها إِلىَ العِمَارَةِ بِعَمَلِ المُسْتَأْجِرِ فَهُوَ فَاسِدٌ لأَنَّ العَمَلَ في العِمَارَة مَجْهُولٌ، وَلَوْ كَانَتِ الأُجْرَةُ صُبْرَةً مَجْهُوَلةً جَازَ كَمَا فِي البَيْعِ، وَقِيلَ: إنَّهُ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا في رَأْس مَالِ السِّلَمِ.
قال الرافعي: الأجارة تنقسم إلى: واردة على العين، كما إذا استأجر دابة بعينها (1) ليركبها، أو يحمل عليها، أو شخصاً بعينه لخياطة ثوب.
وإلى واردة على الذمة كما إذا استأجر دابة موصوفة للركوب، أو للحمل، أو قال: الزمت ذمتك خياطة ثوب أو بناء جدار فقبل.
وقوله: استأجرتك لكذا أو لتفعل كذا وجهان.
أظهرهما: أن الحاصل به إجارة عين للإضافة إلى المخاطب، كما لو قال: استأجرت هذه الدابة.
والثاني: ويحكى عن اختيار القاضي حُسَيْنٍ أن الحال الحاصل إجارة في الذمة، لأن المقصود حصول العمل من جهة المخاطب، فكأنه قال: استحققت عليك كذا، وإنما تكون إجارة عين على هذا إذا زاد فقال استأجرت عينك أو نفسك لكذا، أو لتعمل بنفسك كذا. وإجارات العقارات لا تكون إلاَّ من القسم الأول؛ لأنها لا تثبت في الذمة، ألاَ تَرىَ أنه لا يجوز السّلم في دار ولا أرض.
إن وردت الإجارة على العين لم تجب الأجرة في المجلس؟ كما لا يجب الثمن في البيع، ثم إن كانت في الذمة فهي كالثمن في الذمة في جواز الاستبدال، وفي أنه إذا شرط فيها التأجيل أو التنجيم كانت مؤجلة أو منجمة، وإن شرط التعجيل كانت معجلة، وإن أطلق ذكرها تعجلت أيضاً، وملكها المكري بنفس العقد، واستحق استيفاءها إذا سلم العين إلى المستأجر، وبهذا قال أحمد.