واختاره الإصطخريُّ أنه يلزمه الردُّ ومؤنتُهُ، وإن لم يطلب المالك لأنه غير مأذون فيه في الإمساك بعْد المدَّة، ولأنه أخَذَه لمنفعة نفْسِه، فأشْبَهَ المُسْتَعِير (1).
وعن القاضي أبي الطَّيِّب أنه لو شرَطَ المؤجر عَليْه الردَّ، لزمه ذلك بلا خلافٍ، ومنعه ابنُ الصَّبَّاغ، وقال: من لا يوجِبُ الردَّ عليه، ينبغي ألاَّ يجوز شرطه، فإن قلنا: لا يلزمُ الردُّ، فلا ضمانَ عليه، وإن قلْنا: يلزمه، ضَمِنَ مَا تَلِف في يده، إلاَّ أنه يكون الإمْسَاكُ بعذر (2).
ويترتَّب على الوجهين أنه، هل يضمن أجرة المنافع التي تَتْلَف في يده بعْد مدَّة الإجارة؟ فإن ألزمناه الردَّ، ضمناه، وإلاَّ، فَلاَ (3).
وفي "الزيادات" للشيخ أبي عاصم العَبَّادِيِّ فرُعَان يتعلَّقان بهذا الخلاف:
أحدهما: غصبت الدَّابة المستأجرة مع دوابِّ سائر الرُّفْقة، فذهب بعضُهم في الطلبْ، ولم يذهَبِ المستأجر، إنْ قلنا: لا يلزمُه الردُّ، فلا ضمان عليه.
وإن قلنا: يلزمُ، فإن استرد من ذهب من غيْر مشقَّةٍ ولا غرامةٍ، ضمن المستأجر المتخلِّف، وإن لحقهم مشَقَّة، أو غرامةٌ لم يضمن.
الثاني: إذا استأجر قِدْراً مدَّةً؛ ليطبخ، فيها ثم حملها بعد المدة ليردَّها، فسقط الحمار، وانكسرت القدْرُ، قال: وإن كان لا يستقل بحمله، فلا ضمان، وإن كان يستقل، فعليه الضمان.
أما إذا ألزمناه مؤنة الردِّ، فظاهر، وأمَّا إذا لم يلزمْه؛ فَلأَنَّ العادَةَ أنَّ القِدْرَ لا يرد بالحمار مع استقلال المُسْتاجر أو حمال بها.
الثانية: الدابَّةُ المستأجرة للحَمْل، أو الركوب، لو ربَطَها المستأْجر، ولم ينتفع بها في المدة، فالقولُ في استقرار الأجْرة علَيْه سيأتي منْ بَعْدُ إن شاء الله تعالى ولا ضمانَ