وكذلك المسأَلَتَانِ في الشَّرْط الأَوَّل، والتأقيت في قوله: "وقفت سنَةً" فصرَّح به، وفيما إذا قال: وقفتُ على فلان، واقتصر عَليْهِ، ضِمْنيٌّ، وأن للوقْف وراءَ انقطاع الآخر مع اتصال الأول أحوالاً وبالعكس أحوالاً:
إحداها: أنْ يكونَ متصل الأوَّل والآخرِ والوَسَط، فهو صحيحٌ.
والثانيةُ: أنْ يكونَ منْقَطِعَهَا جَمِيعاً، فهو باطلٌ.
والثالثة: أنْ يكونَ متَّصِلَ الطرفَيْن، منقطعَ الوَسَط، كما إذأن وقَف على أولادِهِ، ثم عَلَى رجُلٍ، ثم على الفُقَراءِ, فترتَّب عَلَى منقطِعِ الآخِرِ، إن صحَّحناه، فهذا أولَى، وإلاَّ، فوجهان:
أصحُّهُمَا: الجوازُ، ويُصْرَف عند توسُّطِ الانقطاع إلى أقرب النَّاسِ إلى الوَاقِف، أو إلَى المَسَاكِين، أو إِلَى المصالح العامة أو إلى الجِهَة العامَّة المذَكُورة في الوقْف آخِراً فيه الاختلافات السابقة.
والرابعةُ: أنْ يكونَ منْقَطِعَ الطرفَيْن معلومَ الواسط، كما إذا وقَف عَلَى رجل، ثم عَلَى أولاده، واقْتَصَرَ عَلَيْه، فترتب عَلَى منقطِعِ الأوَّل، إنْ لم نصحِّحه، فهذا أوْلَى، وإنْ صحَّحناه، فوجهان:
أظْهَرُهُمَا: البُطْلانُ، وبتقدير الصِّحَّة إلَى من يُصْرَف؟ فيه الخلافُ السَّابق، أو جميعُ هذه الأحوالِ فيما إذا انقرض الواقِفُ المصرف وإلاَّ فسيأْتِي.
وقوله في الكتاب: "فإنْ صحَّحناه، فإذا وقَف عَلَى عبدْه
... " إلى آخر لفْظه، فإن صحَّحناه لغو وليس المذكورُ مُفَرَّعاً على الصَّحِيح، ولو طَرَحه، وقال: إذا وقَف عَلَى عبْدٍ لحصل الغَرَضُ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّالثَةُ: الإِلْزَامُ فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنِّي بِالخِيَارِ في الرُّجُوعِ عَنْهُ وَرَفْعِ شَرَائِطِهِ فَسَدَ (و) الوَقْفُ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ الخِيَارَ في تَفْصِيلِ الشَّرْطِ مَعَ بَقَاءِ الأَصْلِ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ شَرَطَ أَلاَّ يُؤَاجَرَ الوَقْفُ اتَّبعَ شَرْطُهُ، وَقِيلَ: لاَ يُتَّبَعُ إِلاَّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى السَّنَةِ، وَلَوْ خَصَّصَ مَسْجِداً بِأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَالحدِيثِ لَمْ يَخْتَصَّ (و)، وَلَوْ خَصَّصَ المَدْرَسَةَ وَالرِّبَاطَ جَازَ، وَلَو خَصَّصَ المَقْبَرَةَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ (و).
قالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصل ثلاثُ مَسَائِلَ:
المسألة الأولَى: الوَقْفُ بشَرْط الخيارِ باطلَ كالعِتْقِ والصَّدَقة، وكذا لو قال: وقَفْتُ بشَرْط أنْ أبيعَه، أو أرجعَ فيه متَى شئْتُ، واحتجُّوا له بأنَّ الوقفَ إزالة ملْكُ إلى الله -تعالَى- أو إلى المَوْقُوف عليه؛ كالبيع والهبة، وعلى التقدْيرَيْن، فهذا الشَّرْطُ مُفْسِدٌ،