بإطْلاَقِ الأخْيَار، وعدَلُوا به عن قياس سائِرِ الشُّروط الفاسِدَة، والحاصِلُ مما ذكرنا عنْد الاخْتِصَار طريقان:
أحدُهُما: طَرْدُ الخلافه.
والثاني: التقاء الجَدِيدِ، والظَّاهِرُ مِنْ روايات القَدِيم واتفاقهما على البُطْلاَن.
وأمَّا الرُّقْبَى: فهيَ أن يقولَ: وَهَبْتُ منْكَ هذه الدارَ عُمْرَكَ، على أنَّك إن مِتَّ قبلي، عادت إليَّ وإن مت قبْلَك، استقرَّتْ عليك، أو جعلت هذه الدَّار لك رقبى، أو أرقبتُها لَكَ، وهي مأخوذةٌ من الرقوب، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَرتقب مَوْتَ صاحِبهِ، والحُكْمُ فيها كالحكْمِ في الحالة الثالثة منْ العُمْرَى؛ لأنَّ قَوْلَه: "إن متَ قَبلك، استقر علَيْكَ" لا أثر له في المنع، فيبقى قوله: إِن مِتّ قبْلي، عاد إلَيَّ، فيحصل فيه طريقان:
أحَدُهُمَا: القَطْعُ بالبطلان.
وأظهرْهُمَا: طَرْدُ القولَيْن.
فعلَى الجَدِيد؛ يصحُّ، ويلغو الشَّرط لقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُعْمِرُوا وَلاْ تُرْقِبُوا
... الحديث" (1)، والقديمُ البطلانُ، أو الصِّحة والترقّب.
وعند أبي حنيفةَ الرُّقبَى لا يُمْلَكُ بها، وإنَّما هي عارية، وللمُرْقِب الرجُوع متى شاءَ. وقال أحمدُ: تصحُّ الرقبى كالعُمرَى، وفي صحَّة شرط الرجُوعَ إلى الواهب روايتان عنْه.
التفريع: إن صحَّحنا العُمْرَى والرُّقْبَى، وألغَيْنا الشَّرْط، تَصَرّفَ المُعَمَّر في المال كيْف شاء، وإنْ أبْطَلْنا العَقْد أو جعلْنَاه عاريةً، فلا يخفى أنَّه ليس له التصرُّفُ بالبَيْع ونحوه. وإن قلْنا بصحَّة العقد والشرط، فلو باع المعمَّر (2)، ثم مات، ذَكَرَ الإمامُ فيه احتمَاليْن:
أظهَرُهُمَا عنْده: أنَّنا لا نُنَفِّذ البيع؛ لأنَّ مقتضَى البَيْع التأييدُ، وهُوَ لم يملكه إلاَّ مُؤَقَّتاً، فكيْفَ يملِّك غيره ما لَمْ يملكه؟
والثاني: تنْفيذُهُ كببع العبْد المعلِّق عتقُه قبْل وجود الصِّفَة، وهذا ما أجاب به القاضي ابنُ كجٍّ، وعلَّل بأنَّه مالكٌ في الحال، والرُّجُوع أمْرٌ يحدث بعْد المَوْت، وشَبَّهه برُجُوع نصْف الصَّداق إلى الزوج بالطَّلاق قبْل الدُّخُول، برجوع الوالدِ في الهِبَةِ منَ