ثم المتهب، إن أثاب بما يصلح ثواباً، فذَاكَ، إلاَّ، فللواهب الرجُوع، إن بقي الموهوبُ بحاله (1)، وإن زاد زيادةً متصلةٌ، رجَع فيه مع الزِّيادة.
وفي "أمالي السَّرْخَسِيِّ" وَجْةٌ آخر: أنَّ للمتَّهِب أنْ يُمْسِكَه وَيبْذُلَ قيمته دون الزِّيَادة، وإنْ زاد زيادة منفصلةً، رجع فيه دُون الزِّيادة.
وإن كان الموهوب تالِفاً، فوجهان، ويقالُ: قولان منصُوصان في القَدِيم:
أصحُّهُمَا: أنَّهُ يرْجع بقيمته؛ لأنَّه مملوكٌ بعوَضٍ، فإذا تَلِفَ، كان مضموناً كالبَيْع.
والثاني: لا يَرْجِعُ بشَيْءِ؛ كالأب في هبة ولَده.
وإنْ كان ناقصاً، رجَع إليه، وفي تغريمه المتهب أرْشَ النُّقْصان، الوجهان.
وقيل: له أن يترك العَيْن ويُطَالِبَ بكمال القيمة (2).
ولو وهبَ النَّظيرُ مِنَ النَّظير، فطريقان:
أحدُهَما: التخريج على القولَين السابقَيْن؛ لأنَّ الأقران لا يتحمَّل بعضهم من بعض في العادة، بل يعوّضون.
وأظهرُهُما: القَطْع بنَفْي الثواب؛ لأنَّ القَصْدَ من مثله الصِّلة، وتأكيد الصداقة، وقد حَصَلَ هذا الغَرَضُ، فأشبه الصدقة لما كان الغَرَض منها ثواب الآخرة، لم يقْتَض ثواباً في الحال. وعن صاحب "التقريب" تخريجُ القولَيْن في هبة الأعْلَى من الأدنَى أيضاً (3)، فجوز أن يُعَلَّمَ لذلك قولُهُ في الكتاب: "إن كانت من الكبير إلى الصغير، لم يقْتَضِ ثواباً" بالواو.
وقوله: "من الكبير" يعْني إنْ كانتْ صادِرة من الكبير لا ما تُرِيد بقولك: وهبتُ مِنْ زَيْدٍ، وكذا قوله: "إلى الكَبِيرِ من الصغير".
وقوله "وكذا إنْ كانت منَ النَّظير" يصحُّ حمله على المَعْنَيَيْنِ.