أحدُهُمَا: وبه أجاب الإمَامُ لا؛ لأنَّه إذا فَرَّق لم تَظهَرْ فائدةُ التعريفِ، فعلَى هذا إذا قطعَ التَّعريفَ مُدَّةً، وجب الاستئناف.
والثانِي: وهُوَ ما أورده العراقِيُّون، والقاضي الرويانيُّ يجوزُ، كما لو نَذَر صوم سنَةِ، يجوز التَّفْرِيقُ.
الثانية: لِيَصِفِ الملتقطُ بعض أوصافِ اللّقَطَةِ، فإنَّه أفَضَى إلى الظَّفر بالمالك، وهُوَ شَرْطْ أم مستحبٌّ؟ فيه وجهان؟
أظَهَرُهَما: الثَّانِي، وإذا شرطْنَا، فهل يكفي ذِكْرُ الجِنْسِ؛ بأن يقول: مَنْ ضاع منْه درَاهِمُ؟ قال الإمامُ: ما عنْدِي أنَّهُ يَكْفِي، ولكن يتعرَّضِ للعفَاصِ والوِكَاءِ، ومكانِ الالتقاط وتارِيخِهِ، ولا يستوعِبُ الصَّفَاتِ، ولا يبالِغُ فيها؛ كيلا يُعْتَمِدَها الكاذِبُ، فإنْ فَعَلَ، فَفِي صَيْرُورَتِهِ ضَامِناً وجهان: وَجْهُ المنع: أنَّهُ لا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلاَّ بالبَيِّنَةِ.
ووجهُ الصَّيْرُورَةِ: أنَّهُ قد دفعه إلَى مَنْ يلزمُه الدَّفْعُ لا إلَى الوَاصِفِ.
الثالثة: إن تبرع المَلْتَقِطُ بالتَّعْرِيفِ، أو بَذَل مُؤْنَتِهِ، فذَاكَ، وإلاَّ، فإنْ أخَذَها للحِفْظِ أبداً، فإن قلْنا: لا يجِبُ التَّعْرِيفُ، والحالةُ هذه، فهو مُتَبَرِّعٌ إن عرّف.
وإن قلْنَا: يجِبُ، فلَيْسَ علَيْه مُؤنتهُ، ولكنْ يَرْفَع الأمْرَ إلى الحاكِم؛ لِيَبْذُل أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ المالِ، أو يَسْتَقْرِضَ على المَالِكِ، أو يأْمُرَ المتلقطَ بِهِ لِيَرْجع، كما في هَرَب الجمَّالِ (1)، وإن أخذَها للتَّملُّكِ، واتَّصَلَ الأمْرُ بالتملُّكِ، فمؤنَةُ التعريفِ على المُلْتَقِط، وإنْ ظَهَر المالك، فَهِيَ على الملتَقِط؛ لقَصْده التملُّكَ، أو على المالِك؛ لعَوْدِ الفائدة إلَيْه؟ فيه وَجْهان:
أَظْهَرُهما: أوَّلُهُما، وهو ظَاهرُ ما في الكتابِ، وإنْ قَصَدَ الأمانَة أبداً أَوَّلاً، ثمَّ قَصَدَ التَّمْلِيكَ، ففيه الوجْهَان؛ نَظَراً إلى منتهى الأمْر ومُسْتَقَرِّه.
الرابعةُ: ما ذَكرْنا منْ وجُوب التَّعْريفِ فيما إذا قَصَدَ التَّملُّكَ، أمَّا إذا قَصَدَ الحِفْظَ أبداً، فَفِي وجُوبِه وجْهَان: أظْهَرُهما عنْد الإمام، وصَاحِب الكِتَاب: وجُوبُهُ، وإلاَّ، فهو كتمانٌ مفوِّتٌ للحقِّ علَى المستحقِّ.
والثاني: وهُوَ الذي أورده الأكْثَرُون: أنَّهُ لا يجِبُ، وعلَّلوا بأن التعريفَ إنَّما يجبُ