إلى الصلاة بعد الوضوء؛ تقليلاً للحديث والغسل إنما تؤمر به لاحتمال الانقطاع ولا يمكن تكرر الانقطاع بين الغسل والصلاة، ولو بادرت أيضاً فمن المحتمل أن غسلها وقع في الحيض وانقطع بعده، فإذاً لا حيلة في دفع هذا الاحتمال، وإن قرب الزَّمان.
وللأول: أن يقول: نعم، دفع أصل الاحتمال لا يمكن، لكن الاحتمال في الزمان الطويل أظهر منه في الزمان القصير فبالمبادرة تقل الاحتمال.
فعلى الوجه الثاني إذا أخرت لزمها لتلك الصلاة وضوء آخر، إذا لم تجوز للمستحاضة تأخير الصلاة عن الطهارة.
قال الغزالي: (الرَّابعُ) يَلْزَمُهَا أَنْ تَصُومَ جَمِيعَ شَهْرِ رَمَضَانَ لاِحتِمَالِ دَوَامِ الطُّهر ثُمَّ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِي سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا لاحْتِمَالِ دَوَامِ الحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَومًا وَانْطِبَاقِهَا إِلَى سِتَّةَ عَشَرَ بِطَرَيَانِهَا فِي وَسَطِ النَّهَار، وَقَضَاءُ الصَّلَوَاتِ لاَ يَجِبُ (و) لِمَا فِيهِ مِنَ الحَرَجِ.
قال الرافعي: مقصود الفصل مسألتان:
إحداهما: أن المتحيّرة تصوم على قول الاحتياط جميع شهر رمضان؛ لاحتمال أنها طاهرة في الكل ثم كم يجزئها؟ من ذلك المنقول عن الشافعي -رضي الله عنه- أنه يجزئها خمسة عشر يوماً إذ لا بد وأن يكون لها في الشهر طهر صحيح، وغاية ما يمكن امتداد الحيض إليه خمسة عشر يوماً (1) فيقع صوم خمسة عشر يوماً في الطّهر، وهذا ما ذكره قوم من أصحابنا كصاحب "الإِفْصَاحِ" والشيخ أبي حامد.
وقال أبو زيد وأكثر الأصحاب على اختلاف الطبقات: لا يجزئها إلا أربعة عشر يوماً لاحتمال أن يبتدئَ حيضها في أثنائها، ويمتد خمسة عشر يوماً، فينقطع في أثنائها أيضاً، فتنبسط الخمسة عشر يوماً على ستة عشر، ويفسد صومها، وأثبت إمام الحرمين في المسألة طريقتين:
إحداهما: القطع بما ذكره الأكثرون وحمل كلام الشافعي -رضي الله عنه- على ما إذا حفظت أن دمها كان ينقطع بالليل.
والثانية: جعل المنقول عن الشّافعي -رضي الله عنه- من المذهب أيضاً، فليكن قوله: "ثم عليها أن تقضي ستة عشر يوماً معلّمًا بالواو لهذا المعنى، وهذا إذا كان الشَّهر كاملاً وهو المراد من مسألة الكتاب، فأما إذا كان ناقصًا فالمحسوب على قياس المنقول عن الشَّافعي -رضي الله عنه- لا يختلف وتقضي هاهنا أربعة عشر يوماً، وعلى قول الأكثرين المقضي لا يختلف ويحسب لها ثلاثة عشر يوماً. وقال الشيخ أبو إسحاق