"
القول في الشك في النسب"
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا أشكلَ نَسَبُ المولدِ بأنْ وطئَ اثنانِ فَصَاعداً امرأةً بالشبهةِ، فأتَتْ بولَدٍ، يمكنُ أنْ يكون منْ هذا، ومِنْ هذا، أو تداعى اثنانِ فصاعداً مجْهُولاً، فسيأْتِي في موضعه -إن شاء الله تعالى- أنَّه لا يُلْحَقُ بهما جميعاً، بل يعرض على القَائِفِ، فلو مات في زمان الإِشكال، وقَفْنا ميراث الأب، وإنْ مات أحدُهُما، توقَّفْنا في مِيرَاثِ المولود منه، ونأخذ في نَصِيبِ كُلِّ مَنْ يرثُ معه، لو ثبت نسبَهُ بالأَسْوَإِ، كما مَرَّ في توريث المفقود.
ويجُوزُ إعْلامُ المسألةِ بالحاء؛ لأنَّ عند أبي حنيفةَ لا حُكْم للقائف، ولا إشكال في النَّسَب، بل يلحق بالاثنَيْن فصاعداً، ويرث كلَّ واحد منهما ميراثَ ابْنٍ كاملٍ، ويرثان منه ميراثَ ابنٍ واحدٍ، لو مات قبلهما. فإنْ ماتَ أحَدُهما، ثم مات المولُودُ، ورِثَ الأخيرُ منْه ميراثَ أبٍ كاملٍ، قال: ولو أقام اثنانِ البيِّنَة، كلُّ واحدٍ علَى أنه ابنُهُ مِنِ امرأته، وكان ابناً للرجلَيْن والمرأتَيْن، والتوارُث بينه وبين المرأتَيْن كهُوَ بيْنَةُ وبين الرجلَيْن، والله أعلم.
قال الغَزَالِيُّ: أَمَّا الاِشْكَالُ فِي الذُّكُورَة وَالوُجُودِ جَمِيعاً فَبِأَنْ يُخَلِّفَ المَيِّتُ زَوْجَةً حَبْلَى فَنَأْخُذُ بِأَضَرِّ الأَحْوَالِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الوَرَثَةِ، وَأَقْصَى المُحْتَمَلِ (و) مِنْ حَيْثُ العَدَدُ أن يُقَدَّرُ أَرْبَعَةُ أَوْلاَدٍ.
"
ميراث الحمل"
قَالَ الرَّافِعِيُّ: والمقصودُ بيانُ ميراثِ الحمْل؛ ونعني به كلَّ حمل، لو كان منفصلاً، لَوَرِثَ منه إمَّا مطلقاً أو عَلَى تقْدِير.
وهذا الحمْلُ قد يكُونُ منَ الميِّت، ويرث لا محالَةَ، وقد يكُونُ مِنْ غيره، كما لو كانتْ أُمُّه حاملاً منْ غير أبيه أو مِنْ أبِيهِ، والأبُ ميِّت أو محجوبٌ برقِّ وما في معناه، وكذا زوْجَة ابنه أو أخيهِ أوِ جَدِّه، والحملُ من غيره قد لاَ يَرِثُ إلاَّ علَى تقدير الذُّكُورة كَحَمْلِ امْرأةِ الأخِ والجَدِّ، وقد لا يرثُ إلاَّ علَى تقدير الأنوثة؛ كما إذا مات عَنْ زوجٍ وأختٍ من الأبَوَيْنِ وحمل من الأب، وفيه فصلان:
الفَصْلُ الأَوَّلُ: فيما بعد الانفصال، وإنَّما يرث بشَرْطَيْنِ:
أحَدُهُمَا: أن يعلم وجوده عنْد المَوْتِ، فإذا كان الحَمْل منْه، وانْفَصَلَ لما بين موته وبَيْن أكثر مدة الحمل، ورث لثُبُوتِ نسبه، إن انفصلَ لِمَا بعْدَ ذلك، لم يَرِثْ، وإن