وَالبَيْعِ، وَكَذَا المُرْتَدُّ، وَقيلَ: لاَ يَصِحُّ لِأَنهُ تَقَرُّبٌ إِلَى مَنْ أُمِرَ بِقَتْلِهِ، وَلاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِهِ لِلِذِّمِيِّ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: المسألة الرابعةُ: في الوصية لأهل الحَرْب من الكُفَّار وجهان:
أحدهما: الجواز، وبه قال أحمد رحمه الله، كما يجوز البَيْع، والهبةُ، منْهم، وعلَى هذا؛ يخرَّج ما قدمنا من الوصية؛ لمفاداة أَسْرَاهُمْ من أيدي المُسْلِمِينَ.
وثانيهما: المنع، وبه قال أبو حنيفة، وابن القاصِّ؛ لقوله تعالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} الممتحنة: 8 أشعر ذلك بالنَّهْيِ عن بِرِّهمْ، إذا قاتلونا، وأيضاً، فإنَّا مأمورون بقَتْلِهِمْ، فلا معنى للتقرب إليهم بالوصية، والظاهر من الوجهين الثاني عند الأستاذ أبي منْصُور، والأول عند الجمهور، وهو منصوصٌ عليه في "عيون المسائل" (1).
وفي الوقْف على الحَرْبِيِّ ذكرنا أن أصحَّ الوجهين المنْعُ، وفَرَقُوا بوجهين:
أحدهما: أن الوقف صدقةٌ جاريةٌ، فاعتبر في الموقوف عليه الدوام؛ كما اعْتُبِرَ في الوقْف.
والثاني: أن معنى التمليك في الوصيَّة أظهرُ منْه في الوقف؛ ألا ترَى أن المُوصَى له يملك الرقبة، والمنفعة، والتصرُّف، كيف شاء والموقوفُ عليه بخلافه؟ فأُلْحِقَتِ الوصيةُ بسائر التمليكات، والوجهان في الوصية للحربي جاريان في الوصيَّة للمرتَدِّ، وبنَى بعضهم الخلافَ في الوصيَّة له على الخلاف في ملكه.
وتجوز الوصية للذمي، بلا خلاف، كما يجوز التصدق (2) عليه، وقد رُوِيَ "أن صفيةٌ -رضي الله عنها- أوْصَتْ لِأَخِيْهَا بِثَلاَثينَ ألْفَاَ، وكان يَهُودِيّاً" (3).
قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَمَّا القاَتِلُ فَفِي الوَصِيَّةِ لَهُ ثَلاثةُ، أَقْوَالٍ، يَصِحُّ (ح)، وَلاَ يَصِحُّ,