والعتق ليس بتمليك. ثم يتفرَّع على الأصل المذْكُور مسائل:
أحدها: كسبُ العبدِ، وثمرةُ الشَّجَرة، وسائرُ زوائدِ الموصَى به، إن حصَلَتْ قبل موت الموصي، فهي له، والوصيَّةِ لا تتناولُهَا، وإن حصَلَتْ بعده، وبعد القبول، فهي للموصَى له، وإن حصَلَت بعد موته، وقَبْلَ القبول، فإن قلنا: إنَّ الملك يحْصُل بالموت، فهي للموصَى له، قَبِلَ الوصيةَ أوردَّها، وفيما إذا ردَّها وجْهٌ: أن الزوائد ترتدُّ أيضاً؛ لأنه تبين أن سبب الملك لم يستقرّ.
وإن قلنا: يحصُلْ بالقبول، فلا تكون الزوائدُ للموصَى له، قَبِلَ الوصيَّةَ أو رَدَّهَا، لأنها حدثَتْ قبل حصول ملكه، وفيما إذا قبلها وجهٌ: أنها تكون للموصَى له؛ لأن حقَّ التمليك من وقْت المَوْت، فهي حادثةٌ على محلِّ حقه، وإن قلْنا: بالتوقُّف، فهي موقوفةٌ أيضاً، إن قَبِلَ الوصية، فهي له، وإلاَّ، فلا.
وحيث قلْنا: إنَّ الزوائدَ ترتدُّ فإلى مَنْ ترتدُّ؟ فيه وجهان:
أحدهما: إلى المُوصِي، حتى تكونَ من جملةِ تَرِكَاتِهِ، يقضي منها ديونه، وتنفذ وصاياه، كالأصل.
وأصحُّهما: أنها تكون للوارث؛ لحدوثها بعد زوال ملْك الموصِي؛ وعلى هذا الخلافِ ولَدُ الجارية، ونتاج البهيمة (1) الموصَى بهما، ويتعلَّق بها تفاصيلُ وأحمامٌ أخَر نذكرها موضَّحَة على الأثر -إن شاء الله تعالَى-.
ومنها: فطرة العبد الموصَى به، إذا وقع وقْتُ وجوبها بين المَوْت والقُبُول، على من تجب يخرج، على هذا الخلاف. وقد أوردناه في "زكاة الفطرة".
وقوله في الكتاب "والمغارم" أراد به النفقة والمؤَنَ المُحْتَاج إلَيْها بين الموت والقُبُول، وحكمها حكم الفِطْرة؛ وذَكَرَ في "الوسيط"؛ أنها على الموصَى له، إن قَبِلَ عَلى كلِّ قول، وعلى الوارث، إن ردَّ على كلِّ قول، ولا يعودُ فيها الوجهُ المذكور في الزيادات، وإن كان يُحْتَملُ أن يقال: الغُرْمُ في مقابلةِ الغنم؛ لكن إدخال شيء في الملك قهراً هو أهونُ من التزام مؤنة قهراً، هكذا قاله، لكن فيما قدَّمناه في "زكاة الفطر" طَرْد ذلك الوجه. والله أعلم.
وإذا توفف المُوصَى له في القَبُول أو الرد، أُلْزِمَ النفقة، فإن أراد الخلاصَ ردَّه.
ومنْها: إذا كان قد زَوَّج أمته من حرٍّ، وأوصَى له بها، فإن ردَّ الوصية، استمرَّ النكاح، إلاَّ إذا قلنا: إن الموصَى له يَمْلِكُ بالموت، فينفسخ النكاح من يوم الموت،