وفيه وجه: أن في سائر الانقطاعات يبنى الأمر على أن العادة بماذا تثبت، فإذا ثبتت توقفنا في الغسل، وسائر العبادات ارتقاباً للعود، وأما في الدور الثاني، وما بعده من الأدوار، فعلى قول التلفيق لا يختلف الحكم، وعلى قول السحب في الدور الثاني طريقان:
أصحهما: أنه يبنى على الخلاف في العادة، إنْ أثبتناها بمرة. وقد عرفنا التّقطع بالدور الأول فلا تغتسل ولا تصلي ولا تصوم، حملاً على عود الدم، فإن لم يعد بأن أنها كانت طاهراً، فتقضي الصوم والصلاة جميعاً، وإن لم نثبتها بمرة، فالحكم كما سبق في الشهر الأول، وفي الدور الثالث وما بعده تثبت العادة بمرتين سابقتين، فلا تغتسل إذا انقطع الدم، ولا تصلي ولا تصوم.
وقد حكينا وجهاً من قبل أن العادة لا تثبت إلا بثلاث مرات، ولا يخفى قياسه، والطريق الثاني، ويحكى عن أبي زيد أن التقطع وإن تكرر مرات كثيرة، فالحكم في المرة الأخيرة كما في الأولى؛ لأن الدم إذا انقطع فبناء الحكم على عوده وترك العبادات بعيد.
وقوله في الكتاب: "المبتدأة إذا انقطع دمها فتؤمر بالعبادة" يجوز أن يراد به الانقطاع الأول وحده، ويجوز أن يراد به كل انقطاع يتفق في الدور الأول، وعلى التقدير الثاني ينبغي أن يُعَلَّمَ قوله: "فتؤمر بالعبادة" بالواو للوجه الصائر إلى بنائه على الخلاف في العادة.
وقوله: "ففي الدور الثالث لا تؤمر بالعبادة" ينبغي أن يُعَلَّم بالواو لشيئين:
أحدهما: الوجه الذاهب إلى أن العادة تثبت بثلاث مرات.
والثاني: الطريقة المنسوبة إلى أبي زيد.
وكذلك قوله: "وفي الثاني يبني على أن العادة هل تثبت بمرة لطريقة أبى زيد"؟
هذا كله إذا كان الانقطاع بعد بلوغ الدم أقل الحيض. أما إذا رأت المبتدأة نصف يوم دماً وانقطع، وقلنا بطرد القولين، فعلى قول السحب لا غسل عليها عند الانقطاع الأول، لأنه إن عاد الدم في الخمسة عشر، فالنَّقاء الذي رأته بعد ذلك الدم حيض أيضاً وإن لم يعد فهو دم فساد، ولكن تتوضأ، وتصلي، وفي سائر الانقطاعات، إذا بلغ مجموع ما سبق دماً ونقاء أقل الحيض، يصير الحكم على ما سبق في الحالة الأولى، وعلى قول التَّلْفِيق لا يلزمها الغسل أيضاً في الانقطاع الأول على أظهر الوجهين، لأنَّا لا ندري هل هو حيض أم لا؟
والثاني: يجب احتياطاً كما يجب على الناسية احتياطاً، وفي سائر الانقطاعات،