هذا، فلو أوْصَى بأن يحجَّ عنه منْ بلده (1)، فلم يبلغ ثلثه حَجَّةً منْ بلده، حُجُّ عنه منْ حيث أمكن، وإن لم يبلغ الحجُّ من الميقات، تُمَّمَ منْ رأس المال ما يتم به الحج منْ الميقات، هذا في حجة الإِسلام.
وأما الحجة المنذورةُ: ففيها وجهان متأيِّدَانِ بتردُّدِ قولٍ محكِيَ في "الأمِ".
أظهرهما: أنها كحَجَّة الإِسلام، والزكوات، والدّيون؛ لوجوبها.
والثاني: أنها كالتطَوُّعات؛ لأنها لا تلْزَمُ ابتداءً، وإنما تتعلَّق بالتزامه، فعلَى هذا؛ إن لم يوص بها, لم تقض، وإن أوصَى، كانت منْ الثلث (2)، وعلى الأول؛ إن أوصَى بها، فكما أوصَى بحجة الإسلام؛ فيُنْظَر في إطلاق الوصية وتقييدها، وإن لم يوصِ بها، فتقضي من رأس المال أو الثُلُث فيه؟ وجهان:
أصحهما: من رأْس المال؛ لوجُوبِها.
والثاني: من الثلث؛ لأنه بالنَّذر متبرّع، فجعل نذره كالوصيَّة، ولأنها لو قُضِيَتْ منْ رأس المال، لم يؤمَنْ أن تَسْتَغْرِقَ بالنَّذْر أمواله، ويخرج منْ ذلك ثلاثةُ أوجُهٍ كما في الكتاب، ويجّرِي الخلاف في الصدقة المنذورَةِ والكَفَّارات (3).
فَرْعٌ: أوصَى بأن يُحجَّ عنه حجَّة الإِسلام من الثلث، وأوصَى لإنسانٍ بمائةٍ، وجملة التركةِ ثلاثمائة، وأجرةُ الحَجِّ مائةٌ، فإن قدمنا الحج عَلَى سائر الوصايا، صُرِفَ الثلث إلَى الحَجِّ، وإن لم يُقدَّم، ووزعنا الثلث، دارت المسألة؛ لأن حصَّةَ الحجِّ تكَمَّلُ منْ رأس المال، وإذا أخذنا شَيْئاً منْ رأس المال، نَقَصَ الثلث، وإذا نقص الثلث، نقَصَتْ حصة (4) الحج، فلا تعرف حصة الحج مَا لَمْ يُعرَفِ الثلث، ولا يُعْرَفِ الثلثُ،